والمواعيد المعلومة كناية عن هجمها ، وقد وقع جميع ذلك بعد غيبته.
البشارة التاسعة عشرة
فيه : ما ناجى الله داود في السفر الحادي والسبعين من الزبور قوله : اللهمّ أعط قيامتك للسلطان وحجّتك لذريته ، إلى أن يقول : وسيظهر في دولته حجّة ويزيد العدل والقسط إلى أن يزول القمر ، ويحكم من البحر إلى البحر ، ومن الوادي إلى جميع ما على وجه البسيطة ، وتنعطف له العالم ، وتقبّل رجله الجيش ، وتلعس الأرض عنده الأعداء ، وتهدى إليه الهدايا من سلاطين الجزائر ويقدم له من سلاطين العرب واليمن التقديمات ويسجدون له ويثنى عنده جميع سلاطين الأرض وملوك العجم عنده (١) ، والنصارى يطبقون هذه البشارات على المسيح. وفساده ظاهر لعدم سلطنته ، ولو سلم أنّ المراد به السلطنة الواقعية المعنوية فلم يكن له عقب من ذريته له سلطنته ، واقتدار ، ثمّ المراد بزوال القمر لا شكّ أنّه القيامة فيلزم أن يكون العدل والقسط مبسوطان في العالم من زمان المسيح إلى القيامة ، وخلافه ظاهر ، وكذا سائر الإخبارات من تقبيل الجيش وذلّ الأعداء واهداء السلاطين وملوك الجزائر ، وكذا إهداء ملوك العرب واليمن وسجود جميع السلاطين وتثنية ملوك العجم عنده وحضورهم لديه ، ولم يذكر أحد منهم شيئا من هذه الامور بالنسبة إلى المسيح مع اهتمامهم بتواريخهم من الضبط ، ولما كانت السلطنة العامة القاهرة لنبيّنا محمّد صلىاللهعليهوآله ثابتا باتّفاق المؤرخين في هذه النشأة ، والموهبة العظيمة والسلطنة الرفيعة والشفاعة الكبرى للعصاة في يوم القيامة ، وتقدّمه على جميع الأنبياء في ذلك اليوم وبيده مفاتيح أبواب الجنان الثمانية ، فيكون هو المراد بالسلطان ، وأولاده وذريته وعترته فهم السلطنة ، ولما تواتر (٢) في الأخبار انطباق جميع الإخبارات المعلومة في الرجعة من طرق الشيعة بالقائم عليهالسلام ؛ فالمراد به هو ليس إلّا لأنّه الملقّب بالحجّة وهو المظهر حجّته بعد ظهوره للعالمين ، ويملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، ويبقى عدله إلى القيامة وينفذ حكمه على العالمين ، وتذلّ له جميع السلاطين وتخضع له رقاب الجبابرة والطاغين.
__________________
(١) العهد القديم ، وهو التوراة ، كتاب الزبور السفر الواحد والسبعون ، بتفاوت في اللفظ.
(٢) راجع مختصر البصائر : ١٧ ـ ١٩ ـ ٢٠ ـ ٢٦ ـ ٤٣ ، وكتاب الرجعة للأسترآبادي.