الثمرة الثانية
فيمن مات ولم يعرف إمام زمانه ودان الله بغير إمام
في الكافي عن أبي جعفر عليهالسلام لمحمّد بن مسلم : من دان الله بعبادة يجهد فيها نفسه ولا إمام له من الله فسعيه غير مقبول وهو ضالّ متحيّر والله شانئ لأعماله فمثله كمثل شاة ضلّت عن راعيها وقطيعها فهجمت ذاهبة وجائية يومها ، فلما جنّها الليل بصرت بقطيع غنم بغير راعيها فحنّت إليها واغترت بها فباتت معها في مربضها فلمّا أن ساق الراعي قطيعه أنكرت راعيها وقطيعها فهجمت متحيّرة تطلب راعيها وقطيعها وبصرت بغنم مع راعيها فحنّت إليها واغترت بها فصاح بها الراعي : الحقي براعيك وقطيعك فأنت تائهة متحيّرة عن راعيك وقطيعك فهجمت ذعرة متحيّرة نادة (١) ولا راعي لها يرشدها إلى مرعاها أو يردّها فبينا هي كذلك إذا اغتنم الذئب ضيعتها فأكلها ، وكذلك والله يا محمد من أصبح من هذه الامّة لا إمام له من الله جلّ وعزّ ظاهرا عادلا أصبح ضالّا تائها ، وإن مات على هذه الحالة مات ميتة كفر ونفاق. واعلم يا محمّد أنّ أئمّة الجور وأتباعهم لمعزولون عن دين الله قد ضلّوا وأضلّوا فأعمالهم التي يعملونها كرماد اشتدّت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون ممّا كسبوا على شيء ذلك هو الضلال البعيد (٢).
وفيه عن عبد الله بن أبي يعفور قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إنّي اخالط الناس فيكثر عجبي من أقوام لا يتولّونكم ويتولّون فلانا وفلانا ، لهم أمانة وصدق ووفاء ، وأقوام يتولّونكم ليس لهم تلك الأمانة ولا الوفاء ولا الصدق. قال : فاستوى أبو عبد الله عليهالسلام جالسا فأقبل عليّ كالغضبان ثمّ قال : لا دين لمن دان الله بولاية إمام جائر ليس من الله ، ولا عتب على من دان بولاية إمام عادل من الله. قلت : لا دين لأولئك ولا عتب على هؤلاء! قال : نعم لا دين لأولئك ولا عتب على هؤلاء. ثمّ قال : ألا تسمع لقول الله عزوجل (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) (٣) يعني ظلمات الذنوب إلى نور التوبة والمغفرة لولايتهم كلّ إمام عادل من الله
__________________
(١) في نسخة ثانية : نافرة.
(٢) أصول الكافي : ١ / ١٨٣ ح ٨.
(٣) سورة البقرة : ٢٥٧.