في عصمة الإمام أما عند أهل السنّة والجماعة فإن العصمة ليست بشرط ، بل العمدة فيه انعقاد الإجماع ، وأمّا عند الإمامية فهي واجبة فيه لأنّه لطف ، ولأنّ النفوس الزكية الفاضلة تأبى عن اتباع النفوس الدنية المفضولة ، وعدم العصمة علّة عدم الفضيلة ، ولهما فيها بحث طويل لا يناسب هذا المقام (١).
قوله : وساحة المدينة من الذهب الإبريز كالزجاج الشفاف يريد بذلك أهل ملّته لأنّهم لا ينحرفون عن اعتقادهم ولا ينصرفون عن مذهبهم في حالة العسرة ، وأمّا الذين أغواهم قسوس الانكتاريين فمن الجهّال الذين لا معرفة لهم باصول دينهم ، وهذا هو مصداق قوله عليهالسلام : «أنا مدينة العلم وعلي بابها» (٢).
البشارة السابعة
وفيه : البرهان الرابع في الفصل الحادي عشر في الآية الاولى من كتاب شعيا ما ترجمته بالعربية : وسيخرج من قيس الآس عصا وينبت من عروقه غصن وستستقر عليه روح الرب أعني روح الحكمة والمعرفة ، وروح الشورى والعدل ، وروح العلم وخشية الله ، وتجعله ذا فكرة وقّادة ، مستقيما في خشية الربّ ، فلا يقضى كذا عجايبات الوجوه ولا يدين بمجرّد السمع (٣) ، ثمّ ذكر تأويل اليهود والنصارى هذا الكلام وردّه وقال : فيكون المنصوص عليه هو المهدي عليهالسلام بعينه بصريح قوله : ولا يدين بمجرّد السمع ، لأنّ المسلمين أجمعوا على أنّه رضياللهعنه لا يحكم بمجرّد السمع والحاضر ، بل لا يلاحظ إلّا الباطن ، ولم يتّفق ذلك لأحد من الأنبياء والأوصياء ، إلى أن قال : وقد اختلف المسلمون في المهدي عليهالسلام فقال أصحابنا من أهل السنّة والجماعة : إنّه رجل من أولاد فاطمة يكون اسمه محمّد واسم أبيه عبد الله واسم أمّه آمنة.
وقال الإماميون : بل إنّه هو محمّد بن الحسن العسكري عليهالسلام ، وكان قد تولّد سنة خمس وخمسين بعد المائتين من فتاة للحسن العسكري عليهالسلام اسمها نرجس في سر من رأى بزمن
__________________
(١) راجع كتاب الألفين للعلّامة الحلّي فقد ذكر عدّة أدلّة على ذلك.
(٢) عيون الأخبار : ١ / ٧٢ والخصال : ٥٧٤ والبحار : ١٠ / ١٢٠ ـ ١٤٥ وفيض القدير : ٣ / ٦٠.
(٣) العهد القديم ، وهو التوراة ، كتاب شعيا الفصل الحادي عشر ، الآية الاولى.