الفرع التاسع
في توقيعاته الشريفة التي صدرت من
الناحية المقدّسة
الأول : في الاحتجاج عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري رحمهالله : أنّه جاء بعض أصحابنا يعلمه أنّ جعفر بن علي كتب إليه كتابا يعرّفه كتابا نفسه ، ويعلمه أنّه القيّم بعد أخيه وأنّ عنده من علم الحلال والحرام ما يحتاج إليه وغير ذلك من العلوم كلّها. قال أحمد ابن إسحاق : فلمّا قرأت الكتاب كتبت إلى صاحب الزمان وصيّرت كتاب جعفر في درجه فخرج إلي الجواب في ذلك : «بسم الله الرّحمن الرحيم آتاني كتابك أبقاك الله والكتاب الذي أنفذت في درجه» وأحاطت معرفتي بجميع ما تضمّنه على اختلاف ألفاظه وتكرّر الخطأ فيه ، ولو تدبّرته لوقفت على بعض ما وقفت عليه منه ، والحمد لله ربّ العالمين حمدا لا شريك له على إحسانه إلينا وفضله علينا ، أبي الله عزوجل للحقّ إلّا إتماما وللباطل إلّا زهوقا ، وهو شاهد عليّ ممّا أذكره ، ولي عليكم بما أقوله إذا اجتمعنا لليوم الذي لا ريب فيه ويسألنا عمّا نحن فيه مختلفون ، وإنّه لم يجعل لصاحب الكتاب على المكتوب إليه ولا عليك ولا على أحد من الخلق جميعا إمامة مفترضة ولا طاعة ولا ذمّة ، وسأبيّن لكم جملة تكتفون بها إن شاء الله :
يا هذا يرحمك الله إنّ الله تعالى لم يخلق الخلق عبثا ولا أهملهم سدى ، بل خلقهم بقدرته وجعل لهم أسماعا وأبصارا وقلوبا وألبابا ، ثمّ بعث إليهم النبيّين مبشّرين ومنذرين يأمرونهم بطاعته ، وينهونهم عن معصيته ، ويعرّفونهم ما جهلوه من أمر خالقهم ودينهم ، وأنزل عليهم كتابا وبعث إليهم ملائكة ، وباين بينهم وبين من بعثهم إليهم بالفضل الذي جعل لهم عليهم ، وما آتاهم الله من الدلائل الظاهرة والبراهين الباهرة والآيات الغالبة ، فمنهم من جعل النار عليه بردا وسلاما واتخذه خليلا ، ومنهم من كلّمه تكليما وجعل عصاه ثعبانا مبينا ، ومنهم من أحيى الموتى بإذن الله وأبرأ الاكمه والأبرص بإذن الله ، ومنهم من علّمه