الفرع الثاني
في ذكر جمع من المعمّرين
قال محمد بن يوسف بن محمد الكنجي الشافعي في كتابه البيان في أخبار صاحب الزمان : من الدلالة على كون المهدي عجل الله فرجه حيّا باقيا منذ غيبته وإلى الآن أنّه لا امتناع في بقائه كبقاء عيسى ابن مريم والخضر وإلياس من أولياء الله ، وبقاء الأعور الدجّال وإبليس اللعين من أعداء الله ، وقد ثبت بقاؤهم بالكتاب والسنّة (١).
أمّا عيسى فالدليل على بقائه قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) (٢) ولم يؤمن منذ نزول هذه وإلى يومنا هذا أحد ، فلا بدّ أن يكون هذا في آخر الزمان.
وأمّا السنّة : كما رواه مسلم وغيره في قصّة الدجّال فينزل عيسى ابن مريم عليهالسلام عند المنارة البيضاء بين مهرودتين واضعا كفّيه على أجنحة ملكين (٣). وأيضا قول النبي صلىاللهعليهوآله : كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم (٤).
وأمّا الخضر عليهالسلام وإلياس فعن ابن جرير الطبري : الخضر وإلياس باقيان يسيران في الأرض (٥). وما روي في صحيح مسلم وغيره عن أبي سعيد الخدري : حدّثنا رسول الله صلىاللهعليهوآله حديثا طويلا عن الدجّال وكان فيما حدّثنا أنّه قال : يأتي وهو محرّم عليه أن يدخل بقباب (٦) المدينة فينتهي إلى بعض السباخ (٧) التي تلي المدينة ، فيخرج إليه يومئذ رجل هو خير الناس ـ أو من خير الناس ـ فيقول الدجّال : إن قتلت هذا ثمّ أحييته أتشكّون في الأمر؟ فيقولون : لا ، قال : فيقتله ثمّ يحييه فيقول حين يحييه : والله ما كنت فيك قط أشدّ بصيرة منّي الآن ، فيريد الدجّال أن يقتله فلن يسلّط عليه. وقال إبراهيم بن سعد : يقال إنّ الرجل هو
__________________
(١) البيان في أخبار صاحب الزمان : ١٤٨ الباب الخامس والعشرون.
(٢) النساء : ١٥٩.
(٣) كشف الغمة : ٣ / ٢٩١.
(٤) العمدة : ٤٣١ ح ٩٠٣.
(٥) كشف الغمّة : ٣ / ٢٩١.
(٦) في صحيح مسلم : نقاب.
(٧) واحدتها سبخة بكسر الباء ، وهي أرض ذات نز وملح.