هاديان : أحدهما يهدي البصائر وهو نور الإمامة والآخر يهدي الأبصار وهو نور الشمس والقمر ، ولكلّ واحد من هذين النورين محال يتناقلها ، فمحل ذلك النور الهادي الأبصار البروج الاثنا عشر التي أوّلها الحمل وآخرها المنتهى إليه الحوت ، فينقل من واحد إلى آخر ، فيكون محال النور الثاني الهادي للبصائر وهو نور الإمامة منحصرا في اثني عشر أيضا.
لطيفة : قد ورد في الحديث النبوي أنّ الأرض بما عليها محمولة على الحوت (١).
وفي هذا إشارة لطيفة وحكمة شريفة وهو أنّ محال ذلك النور لمّا كان آخرها الحوت ، والحوت حامل لأثقال هذا الوجود وقصر العالم في الدنيا ، فآخر محال هذا النور وهو نور الإمامة أيضا حال انتقال مصالح أديانهم ، وهو المهدي عجل الله فرجه (٢).
الوجه السادس : أنّ النبي صلىاللهعليهوآله قال : الأئمّة من قريش (٣). فلا يجوز أن تكون الإمامة في غير قرشي وإن كان عربيا ، والذي عليه محققو علماء النسب أنّ كل من ولده النضر بن كنانة ، فهو قرشي ، فمردّ كلّ قرشي إلى النضر بن كنانة ، والنضر هو دوحة متفرّع صفة الشرف عليها ، وتنبعث منها وترجع إليها ، وهذه القبيلة الشريفة كمل شرفها وعظم قدرها واشتهر ذكرها ، واستحقّت التقدّم على بقية القبائل وسائر البطون من العرب وغيرها برسول الله صلىاللهعليهوآله ، فنسب قريش انحدر من النضر بن كنانة إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فرسول الله في الشرف بمنزلة مركز الدائرة بالنسبة إلى محيطها ، فمنه يرقى الشرف.
فإذا فرضت الشرف خطا متصاعدا متراقيا متّصلا إلى المحيط ، مركّبا من نقط هي آباؤه أبا فأبا ، وجدته محمّد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب ابن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر ، فالمركز الذي انبعث منه الشرف متصاعدا هو رسول الله صلىاللهعليهوآله. ووجدت المحيط الذي تنتهي الصفة الشريفة القرشية إليه هو النضر بن كنانة ، فالخط المتصاعد الذي بين المركز وبين المنتهى المحيط اثنا عشر جزءا.
فإذا كانت درجات الشرف المعدودة متصاعدة اثني عشر ، لاستحالة أن يكون الخطّان
__________________
(١) الصحيفة الصادقية : ٢٣٢ ، والاحتجاج : ١ / ١٠٠.
(٢) هذا الكلام للعلّامة الحلّي في العدد القوية : ٧٩ ذيل حديث ١٣٧.
(٣) المحاسن للبرقي : ١ / ٥٦ ح ٨٧ والكافي : ٨ / ٣٤٣ ح ٥٤١.