الثمرة الخامسة
في معرفة الإمام عليهالسلام
في البحار عن محمّد بن صدقة سأل أبو ذرّ الغفاري سلمان الفارسي رحمهالله وقال : يا أبا عبد الله ما معرفة أمير المؤمنين عليهالسلام بالنورانية؟ قال جندب : فامض بنا حتّى نسأله عن ذلك. قال : فأتينا فلم نجده فانتظرناه حتّى جاء. قال صلوات الله عليه : ما جاء بكما؟ قالا: جئناك يا أمير المؤمنين نسألك عن معرفتك بالنورانية. قال عليهالسلام : مرحبا بكما من وليّين متعاهدين لدينه لستما بمقصّرين ، لعمري إنّ ذلك الواجب على كلّ مؤمن ومؤمنة. ثمّ قال : يا سلمان ويا جندب.
قالا : لبّيك يا أمير المؤمنين ، قال : إنّه لا يستكمل أحد الإيمان حتّى يعرفني كنه معرفتي بالنورانية فإذا عرفني بهذه المعرفة فقد امتحن الله قلبه للإيمان وشرح صدره للإسلام وصار عارفا مستبصرا ، ومن قصّر عن معرفة ذلك فهو شاكّ ومرتاب. يا سلمان ويا جندب قالا : لبّيك يا أمير المؤمنين ، قال عليهالسلام : معرفتي بالنورانية معرفة الله عزوجل ومعرفة الله عزوجل معرفتي بالنورانية وهو الدين الخالص الذي قال الله تعالى (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) (١) يقول : ما أمروا إلّا بنبوّة محمّد صلىاللهعليهوآله وهو دين الحنيفية المحمّدية السمحة ، وقوله : (وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ) فمن أقام ولايتي فقد أقام الصلاة ، وإقامة ولايتي صعب مستصعب لا يحتمله إلّا ملك مقرّب أو نبي مرسل أو مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان ، فالملك إذا لم يكن مقرّبا لم يحتمله والنبي إذا لم يكن مرسلا لم يحتمله والمؤمن إذا لم يكن ممتحنا لم يحتمله. قلت : يا أمير المؤمنين من المؤمن؟ وما نهايته؟ وما حدّه حتّى أعرفه؟ قال : يا أبا عبد الله. قلت : لبّيك يا أخا رسول الله. قال : المؤمن الممتحن هو الذي لا يردّ من أمرنا إليه شيء إلّا شرح صدره لقبوله ولم يشكّ ولم يرتد. اعلم يا أبا ذرّ : أنا عبد الله عزوجل وخليفته على عباده لا تجعلونا أربابا وقولوا في
__________________
(١) البيّنة : ٥.