اصرخ الخ ، ضرب من شديد التأكيد لوجوب وقوعه بلا دلالة لشيء منه على مسيح اليهود الموهوم ، اللهمّ إلّا أن يريدوا أنّ المسيح نفس المهدي عليهالسلام ، فحينئذ يلزمهم الاعتراف بنبوّة عيسى ومحمّد صلىاللهعليهوآله وأمّا أنّه لا يدلّ على عيسى ابن مريم عليهماالسلام فلأنّ سياقه في أشعيا قد مرّ بيانه ولا محتمل له غيره ، ولأن لوقا لم يذكره مستدلّا به عليه ولا قرينة هناك يؤول إليها الضمير ، بل إنّه جملة مستأنفة في أوّل الإصحاح ، ومضمون الإصحاح على الإجمال أن لوقا أخبر أنه في زمان كذا جاء يحيى بن زكريا إلى البرية ويصرخ ويقول كذا ، وهذا لا يدلّ على المسيح ابن مريم بوجه من الوجوه ، لكنّه يدلّ على بعثة محمّد صلىاللهعليهوآله وقيام المهدي عليهالسلام ؛ لأنّ الجملة مستأنفة والقاعدة في المستأنفات أن تحمل على ما يناسبها فيكون ما ذكره لوقا ضربا من التأكيد لكلام أشعيا لا غير ، فعليك أن تتأمّل في هذا البرهان فإنّه في غاية اللطافة.
البشارة العاشرة
في الدمعة الساكبة عن المقتضب عن حاجب بن سليمان أبو موزج السدوي قال : لقيت ببيت المقدس عمران بن خاقان الوافد إلى المنصور على يهود الجزيرة وغيرها ، أسلم على يد أبي جعفر المنصور ، وكان قد غلب حجج اليهود ببيانه وعلمه ، وكانوا لا يستطيعون جحده لما في التوراة من علامات رسول الله صلىاللهعليهوآله والخلفاء من بعده ، فقال لي يوما : يا أبا موزج إنّا نجد في التوراة ثلاثة عشر اسما منها محمد واثنا عشر بعده من أهل بيته هم أوصياؤه وخلفاؤه ، مذكورون في التوراة ، وليس فيهم القائمون بعده من تيم ولا عدي ولا بني امية ، وإنّي لأظنّ ما تقول هؤلاء الشيعة حقّا. قلت : فأخبرني به ، قال : لتعطيني عهد الله وميثاقه أن لا تخبر الشيعة بشيء من ذلك فيظهروه عليّ. قلت : وما تخاف من ذلك والقوم من بني هاشم؟ قال : ليست أسماؤهم أسماء هؤلاء ، بل هم من ولد الأوّل منهم وهم محمد ومن بقيّته في الأرض من بعده ، فأعطيته ما أراد من المواثيق ، وقال لي : حدّث به بعدي إن تقدمتك وإلّا فلا عليك أن لا تخبر به أحدا : نجدهم في التوراة عبارة ذكر ترجمتها : إن شموعل يخرج من صلبه ابن مبارك ـ صلواتي عليه ـ يلد اثني عشر ولدا ، يكون ذكرهم باقيا إلى يوم القيامة ، وعليهم القيامة تقوم ، طوبى لمن عرفهم بحقيقتهم (١).
__________________
(١) مقتضب الأثر : ٣٩ وبحار الأنوار : ٣٦ / ٢٢٥.