الزهرة الثانية
اعلم أنّ انحصار عدد الأئمّة في اثني عشر بوجوه :
الأوّل : أن الإيمان والإسلام مبني على أصلين أحدهما : لا إله إلّا الله ، والثاني : محمّد رسول الله ، وكلّ واحد من هذين الأصلين مركّب من اثني عشر حرفا ، والإمامة فرع الإيمان المتأصل والإسلام المقرر ، فيكون عدّة القائمين بها اثنا عشر كعدد كلّ واحد من الأصلين المذكورين.
الثاني : أنّ الله تعالى أنزل في كتابه العزيز (وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً) (١) فجعل عدّة القائمين بفضيلة الإمامة والتقدمة بها مختصّة به ، ولهذا لما بايع رسول الله صلىاللهعليهوآله الأنصار ليلة العقبة قال لهم : أخرجوا لي منكم اثني عشر نقيبا كنقباء بني إسرائيل ، ففعلوا فصار ذلك طريقا متبعا وعددا مطلوبا.
الوجه الثالث : قال الله تعالى (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً) (٢) فجعل الأسباط الهداة في الإسلام اثني عشر.
الوجه الرابع : أنّ مصالح العالم في تصرّفاتهم لمّا كانت في حصولها مفتقرة إلى الزمان ؛ لاستحالة انتظام مصالح الأعمال وإدخالها في الوجود الدنياوي بغير الزمان ، وكان الزمان عبارة عن الليل والنهار ، وكلّ واحد منهما حال الاعتدال مركّب من اثني عشر جزءا يسمّى ساعات ، فكانت مصالح العالم مفتقرة إلى ما هو بهذا العدد ، وكانت مصالح الأنام مفتقرة إلى الأئمّة وإرشادها ، فجعل عددهم كعدد أجزاء كلّ واحد من جزئي الزمان للافتقار إليه كما تقدّم.
الوجه الخامس : أنّ نور الإمامة يهدي القلوب والعقول إلى سلوك طريق الحق ، ويوضح لها المقاصد في سلوك سبيل النجاة كما يهدي نور الشمس والقمر أبصار الخلائق إلى سلوك الطرق ، ويوضح لهم المناهج السهلة ليسلكوها ، والمسالك الوعرة ليتركوها ، فهما نوران
__________________
(١) المائدة : ١٢.
(٢) الأعراف : ١٥٩ ـ ١٦٠.