الفرع السادس
في ذكر جملة من معاجزه ودلائله
الاولى : في كشف الغمّة عن أبي الحسن المسترق الضرير قال : كنت يوما في مجلس حسن بن عبد الله بن حمدان ناصر الدولة فتذاكر لي أمر الناحية قال : كنت أزري عليها إلى أن حضرت مجلس عمّي الحسين يوما فأخذت أتكلّم في ذلك فقال : يا بني قد كنت أقول بمقالتك هذه إلى أن ندبت إلى ولاية قم حين استصعبت على السلطان ، وكان كلّ من ورد إليها من جهة السلطان يحاربه أهلها ، فسلم إلي جيش وخرجت نحوها ، فلمّا خرجت إلى ناحية طرز وخرجت إلى الصيد ففاتتني طريدة فاتبعتها وأوغلت في أثرها حتّى بلغت إلى نهر فسرت فيه ، كلّما سرت يتسع النهر ، فبينا أنا كذلك إذ طلع علي فارس تحته شهباء وهو متعمّم بعمامة خزّ خضراء ، لا أرى منه سوى سواد عينيه ، وفي رجليه خفّان أحمران فقال لي : يا حسين. وما أمرني وما كنّاني فقلت : ما ذا تريد؟ فقال : لم تزري على الناحية؟ ولم تمنع أصحابي خمس مالك؟
وكنت رجلا وقورا لا أخاف شيئا فأرعدت وتهيبته وقلت له : أفعل يا سيّدي ما تأمر به. فقال : إذا أتيت إلى الموضع الذي أنت متوجّه إليه ، فدخلته عفوا وكسبت ما كسبته فيه تحمل خمسه إلى مستحقّه. فقلت : السمع والطاعة. فقال : امض راشدا ولوى عنان دابته وانصرف ، فلم أدر أي طريق سلك فطلبته يمينا وشمالا فخفي عليّ أمره ، فازددت رعبا وانكفأت راجعا إلى عسكري وتناسيت الحديث.
فلمّا بلغت قم وعندي أنني اريد محاربة القوم خرج إلي أهلها وقالوا : كنّا نحارب من يجيئنا لخلافهم لنا ، وأمّا إذ وافيت أنت فلا خلاف بيننا وبينك ، ادخل البلدة فدبرها كما ترى ، فأقمت فيها زمانا وكسبت أموالا زائدة على ما كنت أتوقّع ثمّ وشى القواد بي إلى السلطان ، وحسدت على طول مقامي وكثرة ما اكتسبت ، فعزلت ورجعت إلى بغداد فابتدأت بدار السلطان فسلّمت وأقبلت إلى منزلي ، وجاءني فيمن جاءني محمد بن العثمان