المسافة البعيدة بزمان قليل (١).
والمراد من ابتلاء الامم بغضبة خسف الأرض بمخالفيه من السفياني (٢) وجنده وهم ثلاثمائة ألف نفر والخسف الواقع بخراسان ، وخراب كثير من البلدان فيأخذ كل ذي طريق طريقه ولا يتخلّف عنه ولا يؤذي أحد أحدا ، وهذا إشارة إلى الحديث المروي من تصفية القلوب حينئذ من الحقد والعدوان ، والمعز والذئب في المرعى يرعيان سيّان ، حتّى أن المرأة تخرج بزينتها وحليها من العراق إلى الشام تمشي على أراضي الخضرة المعشوشبة ولا يعارضها أحد ، ولا يؤذيها مفترس (٣).
والمراد بحركة السماء حركة ملائكتها لنصرته. والمراد من ظلمة الشمس والقمر ظلمتهما خلاف العادة ، فظلمة القمر في آخر رمضان ، والشمس في نصفه. والمراد من صيحة الصاحب قبالة الجند ، إلى آخر الآية والأحاديث المروية في كثرة جنده وكمال شجاعتهم وغاية إطاعتهم له عليهالسلام ، ويومه أيضا يوم عظيم مهول لا يطيق المخالف عليه ، وهذا ظاهر لمن له أدنى تتبّع في حالاته وأيّام ظهوره (٤).
البشارة الثالثة والعشرون
في حسام الشيعة عن الفصل الأوّل من كتاب صفنيا النبي من قوله : قرب زمان الصاحب ، ويكون ذلك اليوم يوم مرّ تهرب منه الشجعان ويوم ضيق القلب واضطراب الحال ، والظلمة والعجة والرياح العاصفة والصوت العظيم في البلاد المعمورة والأماكن والغرف العالية ، فيضطرب الناس فيمشون مشي الأعمى لعصيانهم بالصاحب ، وتهرق دماؤهم وتطحن أجسادهم ، فلا ينجيهم ذهبهم وفضّتهم يوم غضب الصاحب ؛ لأنّه حين غضبه تحرق جميع وجه الأرض (٥). والنصارى زعموا انطباق هذه العلائم بالمسيح مع أنّ المعلوم من تواريخهم أنّ شيئا منها لا يلائم زمانه ، وكيف والمذكور في الآية قرب يوم الصاحب. إلى أن يقول :
__________________
(١) مستدرك الوسائل : ١٢ / ٣٣٥ ح ٦.
(٢) عقد الدرر : ٧٤ الباب الرابع.
(٣) سنن ابن ماجة : ٢ / ١٣٥٩ ح ٤٠٧٧ ، وعقد الدرر : ١٥٧ باب ٧ ، وإثبات الهداة : ٣ / ٥٩٩ ح ٦٥ باب ٣٢ فصل ٢ ، ومنتخب الأثر : ٤٦١ الباب السابع ح ٧.
(٤) راجع ما تقدّم من مصادر في الهوامش السابقة.
(٥) العهد القديم ، التوراة ، كتاب صفنيا ، الإصحاح الأوّل بتفاوت في اللفظ.