عليه ، وانهدام معابدهم وإعدام أصنامهم ، وإنّما يتوجّه النصارى بالطعن على بني إسرائيل لعدم إيمانهم بالمسيح ، ولما يعتقدونه من انتساب قتل المسيح إليهم ؛ فظهر ممّا ذكر عدم انطباقه على المسيح عليهالسلام أيضا ، فتعيّن انطباقه على القائم المنتظر عليهالسلام.
ويؤيّده ما ذكر في الأخبار من وقوفه بعد ظهوره بين الركن والمقام وندائه بأعلى الصوت : ألا أيّتها الجماعة المخصوصة بي والمدّخرة المحفوظة المنتصرة من الله لي من قبلي على وجه الأرض ، أسرعوا إليّ ، فيقرع الله بذلك النداء أسماعهم حيث ما كانوا من المشرق والمغرب ، فيأتونه طرفة عين ويحضرون حوله ويجتمعون لديه (١).
وهذا هو المراد بالآية والبشارة من اجتماعهم بعد تفرّقهم ، ولمّهم بعد شعثهم ، وإتيانهم أرض مكّة وقبلة الإسلام ، ولما اتفقت الكلمة من أصحابنا على إعلائه على ملوك الأرض وجميع السلاطين ومحو آثارهم وانحصار السلطنة به ، فهو المراد من الحاكم على الجميع ، فلا ينقادون حينئذ لأحد غيره ، ولا لسلطانين لأنّه ماحي أثر الكفر والشرك عن الأرض ، والاختلاف عن الملل والأديان ، ويتّحد الأديان كما وعد الرّحمن في القرآن بقوله (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (٢) وفي الاخرى (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) (٣) فيحتمل على هذا أن يكون الدار محرّفا من مهدي ، وإلّا فيكون إشارة إلى الخبر المروي فيه عليهالسلام من أنّه يحكم بحكم داود (٤) ، أي يحكم في الناس على الواقع كما كان يحكم داود عليهالسلام ، وما ذكر من أنّهم يمشون في حججي ويحفظون أحكامي ، يشعر بالحديث المروي فيه من رفعه عليهالسلام الاختلاف من بين الناس ، ويرفع العالم أمنا ، ويطيع الناس إيّاه ومحمّدا صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهمالسلام (٥).
البشارة الثانية والعشرون
فيه : عن الفصل الثاني من كتاب «حول النبي» (٦) أن ارفعوا أصواتكم في جبلي المقدس
__________________
(١) كمال الدين : ٢ / ٣٧٠ بتصرّف ، والبحار : ٥٢ / ٣٤٢ ، وتفسير العياشي : ٢ / ٥٦ ح ٤٩.
(٢) التوبة : ٣٣.
(٣) الأنفال : ٣٩.
(٤) بصائر الدرجات : ٢٧٩ واصول الكافي : ١ / ٣٩٧.
(٥) مسند أحمد : ٣ / ٣٧ وسعد السعود : ٣٤ ذكر إدريس.
(٦) لم أجد في التوراة هذا الاسم.