فضلنا ما شئتم فإنّكم لم تبلغوا كنه ما فينا ولا نهايته ، فإنّ الله عزوجل قد أعطانا أكبر وأعظم ممّا يصفه واصفكم أو يخطر على قلب أحدكم ، إذا عرفتمونا هكذا فأنتم المؤمنون. قال سلمان : قلت: يا أخا رسول الله ومن أقام الصلاة أقام ولايتك؟ قال : نعم يا سلمان تصديق ذلك قوله تعالى في الكتاب العزيز (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ) (١) فالصبر رسول الله صلىاللهعليهوآله والصلاة إقامة ولايتي فمنها قال الله تعالى (وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ) ولم يقل وإنّهما لكبيرة لأنّ الولاية كبير حملها إلّا على الخاشعين ، والخاشعون هم الشيعة المستبصرون بفضلي لأنّ أهل الأقاويل من المرجئة والقدرية والخوارج وغيرهم من الناصبية يقرّون لمحمّد صلىاللهعليهوآله ليس بينهم خلاف ، وهم مختلفون في ولايتي منكرون لذلك جاحدون بها إلّا القليل ، وهم الذين وصفهم الله في كتابه العزيز فقال (وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ).
وقال الله تعالى في موضع آخر في كتابه العزيز في نبوّة محمّد صلىاللهعليهوآله وفي ولايتي فقال عزوجل (وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ) (٢) فالقصر محمّد صلىاللهعليهوآله والبئر المعطّلة ولايتي عطّلوها وجحدوها ، ومن لم لم يقرّ بولايتي لم ينفعه الإقرار بنبوّة محمّد صلىاللهعليهوآله ، ألا إنّهما مقرونان ، وذلك أنّ النبي صلىاللهعليهوآله نبي مرسل وهو إمام الخلق ووصيّ محمّد صلىاللهعليهوآله كما قال النبي صلىاللهعليهوآله : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي مرسل بعدي ، وأوّلنا محمّد وأوسطنا محمّد وآخرنا محمّد فمن استكمل معرفتي فهو على الدين القيّم كما قال الله تعالى (ذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) وسأبين ذلك بعون الله تعالى وتوفيقه.
يا سلمان ويا جندب! قالا : لبّيك يا أمير المؤمنين صلوات الله عليك ، قال : كنت أنا ومحمّد صلىاللهعليهوآله نورا واحدا من نور الله عزوجل فأمر الله تبارك وتعالى ذلك النور أن يشقّ فقال للنصف : كنّ محمّدا وقال للنصف : كنّ عليّا ، فمنها قال رسول الله : علي منّي وأنا من علي ولا يؤدّي عنّي إلّا علي ، وقد وجّه أبا بكر ببراءة إلى مكّة فنزل جبرئيل فقال : يا محمّد. قال : لبّيك. قال : إنّ الله يأمرك أن تؤدّيها أنت أو رجل منك ، فوجّهني في استرداد أبي بكر فرددته فوجد في نفسه وقال : يا رسول الله أنزله في القرآن؟ قال : لا ولكن لا يؤدّي إلّا أنا أو علي. يا سلمان ويا جندب. قالا : لبيك يا أخا رسول الله. قال : من لا يصلح لحمل صحيفة يؤدّيها عن
__________________
(١) البقرة : ٤٥.
(٢) الحج : ٤٥.