الخضر. هذا لفظ مسلم في صحيحه كما سقناه سواء (١). والدليل على بقاء إبليس اللعين (قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) (٢).
وأمّا بقاء المهدي عجل الله فرجه فقد جاء في الكتاب والسنّة : أمّا الكتاب فقد قال سعيد ابن جبير في تفسير قوله تعالى : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (٣) قال : هو المهدي عليهالسلام من ولد فاطمة عليهاالسلام (٤). وأمّا من قال إنّه عيسى ، فلا تنافي بين القولين إذ هو مساعد للمهدي عجل الله فرجه على ما تقدّم. وعن مقاتل بن سليمان ومن تابعه من المفسّرين في تفسير قوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ) (٥) قال : هو المهدي يكون في آخر الزمان وبعد خروجه يكون أمارات ودلالات الساعة وقيامها (٦).
وفي الينابيع عن سدير الصير في قال : دخلت أنا والمفضل بن عمر وأبو بصير وأبان بن تغلب على مولانا أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهماالسلام فرأيناه جالسا على التراب وهو يبكي بكاء شديدا ويقول : سيّدي غيبتك نفت رقادي وابتزّت منّي راحة فؤادي. قال سدير : تصدّعت قلوبنا جزعا فقلنا : لا أبكى الله ـ يا ابن خير الورى ـ عينيك ، فزفر زفرة انتفخ منها جوفه قال : نظرت في كتاب الجفر الجامع صبيحة هذا اليوم ـ وهو الكتاب المشتمل على علم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة ، وهو الذي خصّ الله به محمّدا صلىاللهعليهوآله والأئمّة من بعده صلوات الله عليه وعليهم ـ وتأمّلت فيه مولد قائمنا المهدي عجل الله فرجه فطول غيبته وطول عمره وبلوى المؤمنين في زمان غيبته وتولّد الشكوك في قلوبهم من إبطاء ظهوره وخلعهم ربقة الإسلام عن أعناقهم ، قال الله عزوجل (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ) (٧) يعني ولاية الإمام ؛ فأخذتني الرقّة واستعلت علي الأحزان. وقال : قدّر الله مولده تقدير مولد موسى وقدّر غيبته تقدير غيبة عيسى ، وأبطأ كإبطاء نوح وجعل عمر العبد الصالح الخضر دليلا على عمره.
وأمّا مولد موسى فإنّ فرعون لمّا وقف على أنّ زوال ملكه بيد مولود من بني إسرائيل أمر
__________________
(١) صحيح مسلم : ٨ / ١٩٩ ح ٢٩٣٨ صفة الدجّال. ط. دار الفكر.
(٢) الحجر : ٣٨.
(٣) التوبة : ٣٣.
(٤) مناقب آل أبي طالب : ١ / ٢٤٨ ، وينابيع المودّة : ٢ / ٨٣.
(٥) الزخرف : ٦١.
(٦) تأويل الآيات : ٢ / ٥٧٠.
(٧) الإسراء : ١٣.