بقتل كلّ مولود ذكر من بني إسرائيل حتّى قتل نيفا وعشرين ألف مولود فحفظ الله موسى ، كذلك بنو امية وبنو العبّاس لما وقفوا على أنّ زوال الجبابرة على يد القائم منّا قصدوا قتله ، ويأبى الله أن يكشف أمره لواحد من الظلمة إلّا أن يتمّ نوره.
وأمّا غيبته كغيبة عيسى فإنّ اليهود والنصارى اتّفقت على أنّه قتل فكذّبهم الله عزوجل ذكره بقوله (وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) (١) كذلك غيبة القائم فإنّ الناس استنكروها لطولها ؛ فمن قائل بغير هدى بأنّه لم يولد ، وقائل يقول : إنّه ولد ومات ، وقائل يقول : إنّ حادي عشرنا كان عقيما ، وقائل يقول : يتعدّى إلى ثالث عشر وما عدا ، وقائل : إنّ روح القائم ينطق في هيكل غيره ، وكلّها باطل.
وأمّا إبطاؤه كإبطاء نوح عليهالسلام فإنّه لما استنزل العقوبة على قومه بعث الله الروح الأمين فقال : يا نبي الله إنّ الله يقول لك : إنّ هؤلاء خلائقي وعبادي لست اهلكهم إلّا بعد تأكيد الدعوة وإلزام الحجّة ، فاغرس النوى واصبر واجتهد ، وأخبر بذلك الذين آمنوا به فارتدّ منهم ثلاثمائة رجل ، ثمّ إنّ الله يأمر عند ثمرها كلّ مرّة بأن يغرسها مرّة بعد اخرى إلى أن غرسها سبع مرّات ، فما زال منهم يرتدّ إلى أن بقي بالايمان نيف وسبعون رجلا فأوحى الله إليه : الآن صفى الحقّ عن الكدر بارتداد من كانت طينته خبيثة ، فكذلك القائم ـ عجل الله فرجه ـ منّا فإنّه تمتدّ غيبته ثمّ تلا (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا) (٢).
وأمّا الخضر ما طوّل الله عمره لنبوّة قدرها له ، ولا لكتاب ينزل عليه ولا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله ، ولا لامّة يلزم اقتداؤهم به ولا لطاعة يعرضها له ، بل طوّل عمره للاستدلال به على طول عمر القائم عجل الله فرجه ولتنقطع بذلك حجّة المعاندين ؛ لئلّا يكون للناس على الله حجّة (٣).
زهرة : في القاموس في باب الدال وفصل العين عن حديث مفصل : إنّ أوّل الناس دخولا الجنّة عبد أسود يقال له عبود ، وذلك أنّ الله تعالى بعث نبيّا إلى أهل قرية فلم يؤمن به أحد إلّا ذلك الأسود ، وإنّ قومه احتفروا له بئرا فصيّروه فيها وأطبقوا عليه صخرة عظيمة ، وكان ذلك الأسود يخرج فيحتطب فيبيع الحطب ويشتري به طعاما وشرابا ثمّ يأتي تلك
__________________
(١) النساء : ١٥٧.
(٢) سورة يوسف : ١١٠.
(٣) بطوله في كمال الدين : ٣٥٣ ، وينابيع المودّة : ٣ / ٣١٠ باب ٨٠.