دينار فضقت بها ذرعا ثمّ قلت في نفسي : لي حوانيت اشتريتها بخمسمائة وثلاثين دينارا قد جعلتها للناحية بخمسمائة دينار ولم أنطق بذلك ، فكتب إلي محمد بن جعفر : اقبض الحوانيت من محمد بن هارون بخمسمائة دينار التي لنا عليه (١).
المعجزة الحادية والثلاثون : ذكر المحدّث الجليل البارع الفاضل النراقي في خزائنه قال:حدّثني الشيخ الجليل محمد جعفر النجفي قدسسره ـ وهو من مشايخ إجازتي ـ في مسافرتي معه إلى زيارة العسكريين والسرداب المقدّس في سرّ من رأى أنّه كان لي في تلك البلدة المشرّفة صاحب من أهلها ولكن أحيانا إذا تشرّفت للزيارة أنزل عنده ، فأتيته في بعض الأحيان فوجدته مريضا في غاية الضعف والنقاهة ، مشرفا على الموت فسألته عن ذلك ، قال لي : إنّه قدم علينا من سرّ من رأى في هذه الأوان جمعا (٢) من الزوّار ، وفيهم من أهل تبريز فقمت على عادتنا الخدمة في شراء الزوّار وتزاورنا إيّاهم واكتسابنا منهم ، وإذا بشابّ فيهم في غاية الصلاح ونهاية الصفاء والطراوة قد أشرف على الدجلة ونزل واغتسل في الشط ، ثمّ لبس الثياب الطيّبة النفيسة وتقدّم إلى الزيارة في غاية الخضوع ونهاية التذلّل والخشوع ، حتّى انتهى إلى الروضة المقدّسة ووقف على باب الرواق ، وبيده كتابه المزار ، فأخذ في الدعاء والاستئذان والدموع تسيل على خدّيه ، فأعجبني غاية خشوعه ورقّته وبكاؤه فأتيته وجررت رداءه وقلت : أريد أن أزورك فمدّ يده في جيبه وأخرج دينارا من ذهب ، وأشار لي بالرجوع عنه وعدم التعرّض إيّاه ، فلمّا نظرت إلى الدنانير طار قلبي وتحرّكت عروق الطمع ؛ إذ كنت في أيّام لم يحصل لي من صناعتي عشر من أعشار ذلك المبلغ ، فأخذني الطمع أن أتعرّضه أيضا فرجعت إليه ثانية وهو في بكائه وحضور من قلبه فزاحمته ، وأعدت إليه ما قلته فدفع إلي نصف دينار ، وأشار لي بالرجوع وعدم التعرّض.
فرجعت ونار الطمع تشتعل في جوارحي وأنا أقول : لا يفوتك الرجل فنعم الصيد صيدك ، إلى أن رجعت إليه ثالثة وزاحمته وكرّرت عليه الكلام ، وأمرته بإلقاء الكتاب وجررت رداءه وهو في عين تخشّعه وبكائه ، فدفع إلي في هذه المرّة ريالا واشتغل بما هو فيه ، وأنا لم أزل فيما أنا عليه إلى أن أقامني الطمع ذلك المقام رابعا ، فانصرف الرجل عمّا هو فيه وتمّ حضور قلبه وطبق كتاب المزار ، وخرج من غير زيارة فندمت من ذلك فأتيته
__________________
(١) الإرشاد : ٢ / ٣٦٦ باب طرف من دلائل صاحب الزمان.
(٢) الصحيح : جمع.