وإنّي لقوام مقاوم لم يكن |
|
جرير ولا مولى جرير يقومها |
فقال : أجل ، صدق والله إنّه ليقوم إلى الخمر فيشربها ، وإلى الخنزير فيذبحه ، وإلى الصليب فيقبّله ويسجد له ، وما أفعل ذلك ولا مولاي (١).
دخل جرير (٢) على بشر بن مروان والأخطل جالس عنده ، فقال له بشر : أتعرف هذا يا أبا حزرة؟ قال : لا ، فمن هو؟ قال الأخطل : أنا الذي شتمت عرضك ، وأسهرت ليلك ، وآذيت قومك ، أنا الأخطل. فقال له جرير : أما قولك شتمت عرضك ، فما يضرّ البحر أن يشتمه من غرق فيه ، وأما قولك : أسهرت ليلك ، فلو تركتني أنام لكان خيرا لك ، وأما قولك : آذيت قومك ، فكيف تؤذي قوما أنت تؤدي إليهم الجزية!
قال عوانة بن الحكم (٣) :
لما استخلف عمر بن عبد العزيز ، وفد إليه الشعراء وأقاموا ببابه أياما لا يؤذن لهم ، فبيناهم كذلك يوما وقد أزمعوا على الرحيل ، إذ مرّ بهم رجاء بن حيوة (٤) ، وكان من خطباء أهل الشام ، فلما رآه جرير داخلا على عمر أنشد (٥) :
يا أيّها الرّجل المرخي عمامته |
|
هذا زمانك فاستأذن لنا عمرا |
قال : فدخل ولم يذكر من أمرهم شيئا. ثم مر بهم عدي بن أرطاة (٦) ، فقال له جرير (٧) :
__________________
(١) وقد عنى الأخطل بقوله : إنني أنهض بأمور وأقوم بأعمال لا يستطيع جرير ولا مواليه النهوض بها.
(٢) الخبر في الأغاني ٨ / ٦٢ باختلاف الرواية : وفيها أن جرير وقف على باب عبد الملك بن مروان.
(٣) الخبر بطوله والشعر ، رواه المعافى بن زكريا الجريري في الجليس الصالح الكافي ١ / ٢٥١ وما بعدها من طريق محمد بن القاسم الأنباري قال : حدثنا محمد بن المرزبان قال : حدثنا أبو عبد الرحمن الجوهري قال : حدثنا عبد الله بن الضحاك قال : أخبرنا الهيثم بن عدي عن عوانة بن الحكم.
ورواه ابن الجوزي في سيرة عمر بن عبد العزيز من طريق عوانة بن الحكم. وفي ثمرات الأوراق ١ / ٧١ والعقد الفريد ٢ / ٩٢ والمستطرف ١ / ٦٢ وانظر الأغاني ٨ / ٤٦ وهو فيها مختصرا.
(٤) تقدمت ترجمته في ١٨ / ٩٦ رقم ٢١٦٢.
(٥) البيت في ديوان جرير ص ٤٤٦ برواية :
يا أيها الرجل المرخي عمامته |
|
هذا زمانك إني قد مضى زمني |
(٦) سماه في الأغاني : عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود.
(٧) الأبيات في ديوان جرير ص ٤٤٦.