أنبأنا أبو علي ، قال : قال أبو نعيم (١) :
ومنهم الطاهر المطهّر أبو طاهر سهل بن عبد الله بن الفرّخان الأسفهرديسي (٢) قرية من ربض المدينة ، مدينة أصبهان ، كان مجاب الدعوة ، لقي أحمد بن عاصم الأنطاكي ، وأحمد ابن أبي الحواري ، وأبا يوسف الغسولي ، وعبد الله بن خبيق ، ونظراءهم بالشام ، أقام بالثغر مدة ، وكتب بمصر ، والشام الحديث الكثير ، كان أهل بلدنا مفزعهم إلى دعائه عند النوائب والمحن ، كان سبب طهارته إذا دخل الحمام ليتنظف ويرى بعض الناس عراة سأل ربه أن يكفيه أمر التنظف ودخول الحمام ، فسقطت شعرته فلم تنبت بعد ذلك ، وكانت له شجرة جوز تحمل كل سنة كثيرا ، فسقط منها رجل فاستعظم ذلك ، وقال : اللهم أيبسها ، فيبست فلم تحمل بعد ذلك ، له آثار كثيرة في إجابة دعوته (٣) مشهورة اختصرنا منها ما ذكرنا.
وأما رفيع حاله ، من إدمان الذكر ، والمشاهدة ، والحضور ، والمسامرة ، والتعري من حظوظ النفس ، والمواقعة (٤) ، والتبري من رؤية الناس والمخالطة ، فشائع ذائع ذكر ذلك عنه مشايخنا من إخوانه ، وزواره (٥) ، ولقي من الجهال فيما نقل من مذهب الشافعي ، فإنه أول من حمل علم الشافعي رحمهالله ، مختصر حرملة بن يحيى ، عن الشافعي ، فاستعظم ذلك الجهال الذين كانوا على مذهب أهل العراق ، فصبر على أذيتهم (٦) ، ولم يعارضهم بشيء محتسبا في ذلك ، إلى أن قضى حميدا رشيدا رحمهالله توفي (٧) سنة نيّف وسبعين ومائتين ، تقدم موته على موت أبي محمد سهل بن عبد الله التستري.
أنبأنا أبو سعد المطرز ، وأبو علي الحداد ، وأبو القاسم غانم بن محمد بن عبد الله ، أخبرنا أبو المعالي عبد الله بن أحمد بن محمد ، وقال أنا أبو علي الحداد قالوا : أنا أبو نعيم قال : سمعت أبا محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان يقول : سمعت أحمد بن
__________________
(١) رواه أبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء ١٠ / ٢١٢.
(٢) كذا رسمها هنا بالأصل ، وفي الحلية : الاسفهرديري.
(٣) في الحلية : أدعيته.
(٤) في الحلية : والموافقة.
(٥) نقرأ بالأصل : ورووه ، والمثبت عن الحلية.
(٦) في الحلية : أذاهم.
(٧) بالأصل : وفي ، والمثبت عن الحلية.