وعن مسروق أنه قال (١) : كنت إذا رأيت ابن عباس قلت : أجمل الناس ، فإذا نطق (٢) قلت : أفصح الناس ، فإذا تحدث قلت : أعلم الناس.
قال ابن أبي مليكة : دخلنا على ابن عباس فقال : إني لم أنم الليل ، فقلنا له : لم يا أبا عباس؟ قال : طلع الكوكب ذو الذنب فخشيت أن يطرق الدخان. سلوني عن سورة البقرة ، سلوني عن سورة يوسف ، فإني قرأت القرآن وأنا صغير.
وعن عكرمة قال : كان ابن عباس أعلمهما بالقرآن ، وكان علي أعلمهما بالمبهمات (٣) ، وسئل إسحاق بن إبراهيم الحنظلي عن معنى قول عكرمة : إن ابن عباس أعلم بتفسير القرآن من علي ، فقال : لما سمع ابن عباس عامة التفسير من علي فوعاه وجمعه ، ثم ضم إليه ما سمعه من غيره مثل أبي بكر وعمر وعثمان وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وعامة أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم. فلما ضم علم هؤلاء في التفسير إلى علم علي كان أعلم منه بالتفسير. وقد كان النبي صلىاللهعليهوسلم دعا له فقال : «اللهم علمه الكتاب وفهمه التأويل» ، وعلي أعلم منه بالمبهمات ومن غيره ، فقد شهد عامة التنزيل فروى فيم نزل ، وفي أي أمر كان.
قال شقيق (٤) : خطب (٥) ابن عباس وهو على الموسم ، فافتتح سورة البقرة ، فجعل يقرؤها ويفسّر ، فجعلت أقول : ما رأيت ولا سمعت كلام رجل مثله. لو سمعته فارس والروم لأسلمت.
وفي حديث بمعناه : فقرأ سورة النور (٦).
وعن ابن عباس قال : لقد علّمت علما من القرآن ما يسألني عنه أحد ، لا أدري علمه الناس فلم يسألوا عنه ، أو لم يعلموها فيسألوا عنها.
__________________
(١) رواه البلاذري في أنساب الأشراف ٤ / ٤٣ من طريق خلف بن هشام البزار ، حدثنا شريك بن عبد الله ، عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق. وذكره. ورواه الذهبي في سير الأعلام ٣ / ٣٥١ وتاريخ الإسلام (١٥٧).
(٢) في أنساب الأشراف : تكلم.
(٣) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٢ / ٣٦٧ من طريق عارم بن الفضل أخبرنا حماد بن زيد عن أبي الزبير عن عكرمة. ورواه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ ١ / ٤٩٥ و ٥٢٧ والبلاذري في أنساب الأشراف ٤ / ٤٦.
(٤) رواه أبو نعيم في حلية الأولياء ١ / ٣٢٤ من طريق أبي حامد بن جبلة ثنا محمد بن إسحاق ثنا عبد الله بن عمر الجعفي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن شقيق وذكره ، بهذه الرواية.
(٥) في الحلية : خطبنا.
(٦) بهذه الرواية ، رواه البلاذري في أنساب الأشراف ٤ / ٥١ والذهبي في سير الأعلام ٣ / ٣٥١ بسندهما عن أبي وائل شقيق.