وعن ابن عائشة قال : ما زال ابن عباس يستفيد حتى مات. وكان يقول : ما علمت ما «فاطر» (١) حتى سمعت أعرابيا يخاصم رجلا في بئر وأحدهما يقول : أنا فطرتها (٢) ، حتى حفرتها ، وكنت لا أدري ما «البعل» حتى سمعت أعرابيا ينادي آخر يقول : يا بعل الناقة ، فعلمت أنه ربّها.
وعن ابن عباس قال : كل القرآن أعلمه إلا أربع : «غسلين» و «حنانا» ، و «الأوّاه» ، و «الرقيم» (٣).
وعن عبيد الله بن أبي يزيد قال (٤) : كان ابن عباس إذا سئل عن شيء (٥) ، فإن كان في كتاب الله عزوجل قال به ، وإن لم يكن في كتاب الله عزوجل وكان عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيه شيء قال به ، فإن لم يكن من رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيه شيء قال بما قال به أبو بكر وعمر ، فإن لم يكن لأبي بكر وعمر ، فيه شيء قال برأيه.
وعن القاسم بن محمد قال (٦) : ما رأيت في مجلس ابن عباس باطلا قط.
وعن سفيان بن عيينة قال (٧) : علماء الأزمنة ثلاثة : ابن عباس في زمانه ، والشعبي في زمانه ، وسفيان الثوري في زمانه.
ورد صعصعة بن صوحان على علي بن أبي طالب من البصرة ، فسأله عن عبد الله بن عباس ، وكان على خلافته بها ، فقال صعصعة : يا أمير المؤمنين ، إنه آخذ بثلاث وتارك لثلاث : آخذ بقلوب الرجال إذا حدّث ، ويحسن الاستماع إذا حدّث ، وبأيسر الأمرين إذا خولف. تارك للمراء ، وتارك لمقاربة اللئيم ، وتارك لما يعتذر منه.
__________________
(١) يشير إلى قوله تعالى : فاطر السموات والأرض.
(٢) جاء في تاج العروس (فطر) نقلا عن ابن عباس قال : أتاني أعرابيان يختصمان في بئر ، فقال أحدهما : أنا فطرتها أي أنا ابتدأت حفرها. وذكر أبو العباس أنه سمع ابن الأعرابي يقول : أنا أول من فطر هذا أي ابتدأه.
(٣) تقدم الخبر قريبا ، بدون ذكر : الأواه ، وبهذه الرواية : رواه ابن كثير في البداية والنهاية ٦ / ٦١ (حوادث سنة ٦٨).
(٤) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٢ / ٣٦٦ من طريق سفيان بن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد ، باختلاف الرواية. وأنساب الأشراف ٤ / ٤٥.
(٥) ابن سعد : عن الأمر.
(٦) رواه الذهبي في سير الأعلام ٣ / ٣٥١ وتاريخ الإسلام (١٥٧).
(٧) رواه الذهبي في سير الأعلام ٣ / ٣٥٢.