وأما الذي له لحم ودم لم تلده أنثى ولا ذكر فهو كبش إبراهيم (١) الذي فدى به إسحاق (٢). وأما الشيء الذي بنفس ليس له لحم ولا دم فهو الصبح ، إذ يقول الله عزوجل (وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ) [سورة التكوير ، الآية : ١٨] وأما النفس التي ماتت ، وأحييت بنفس غيرها فهي البقرة التي ذكرها الله عزوجل في القرآن الذي يقول : (اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى) [سورة البقرة ، الآية : ٧٣] الآية. وأما الطير الذي لم يبض ولم يحضن عليه طائر فهو الطير الذي نفخ فيه عيسى بن مريم ، فكان طيرا بإذن الله.
وأما الشيء الذي قليله حلال وكثيره حرام فهو نهر طالوت (٣) الذي ابتلاهم الله به ، وأما النفس التي خرجت من جوف نفس ليس بينهما نسب ولا رحم فهو يونس النبي صلىاللهعليهوسلم الذي خرج من بطن الحوت.
وأما الاثنتان اللتان تكلمتا ليس لهما لحم ولا دم فهما السماء والأرض إذ يقول الله تعالى : (ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) [سورة السجدة ، الآية : ١١] ، وأما الشيء الذي مشى ليس له لحم ولا دم فهو عصا موسى التي (تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ) [سورة الأعراف ، الآية : ١١٧ ، وسورة الشعراء ، الآية : ٤٥] ، وأما الرجل الذي مرّ على قرية وهي خاوية على عروشها (٤) فهو أرميا (٥).
وأما الشيء الذي إن فعلته كان حراما ، وإن تركته كان حراما فهي الصلاة : إن صلّيت وأنت سكران لا يحل لك ، وإن تركتها لا يحل لك.
__________________
(١) يشير إلى قوله تعالى : (وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ ، وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) سورة الصافات ، الآية : ١١٣.
(٢) قال القرطبي في تفسيره : اختلف العلماء في المأمور بذبحه ، فقال أكثرهم الذبيح إسحاق وممن قال بذلك :
العباس بن عبد المطلب ، وابنه عبد الله وابن مسعود ، وحماد بن زيد ، جابر بن عبد الله ، عبد الله بن عمر ، عمر بن الخطاب (هؤلاء من الصحابة) ومن التابعين وغيرهم : علقمة ، الشعبي ، مجاهد ، سعيد بن جبير ، كعب الأحبار ، قتادة ، مسروق ، عكرمة ، عطاء ، مقاتل ، السدي ، الزهري ، مالك بن أنس. وقال الزجاج : الله أعلم أيهما الذبيح ، وهذا مذهب ثالث. أما المذهب الثاني : فهم من قال : إنه إسماعيل. تفسير القرطبي ١٥ / ٩٩.
(٣) يشير إلى قوله تعالى : (فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ ...) الآية ، سورة البقرة ، الآية : ٢٤٩.
(٤) وهو قوله تعالى : (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ : أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها ...) الآية ، سورة البقرة ، الآية : ٢٥٩.
(٥) كذا ورد هنا ، والذي في الدر المنثور للسيوطي ٢ / ٢٦ أنه عزير بن سروخا. وانظر البداية والنهاية ٢ / ٥١ ـ ٥٢.