الكلم هاهنا جمع كلمة ، وأصل الكلم بكسر اللام ، فسكنه تخفيفا لإقامة الوزن كما قالوا في ملك ملك ، [وفخذ وكبد في فخذ وكبد. قال الله تعالى : (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ) وقد روي عن تميم بن حذلم أنه قرأ تحرفون الكلام وقد قرأ علماء الأمصار (يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ) و (كَلَّمَ اللهُ).
ومما قيل في هذا وهو مما يستحسن لبعض المحدثين :
قالت : عييت عن الشكوى فقلت لها : |
|
جهد الشكاية أن أعيا عن الكلم](١) |
فأما الكلم الذي عين فعله ساكنة في أصل بنائه فإنه مصدر كلمه يكلمه كلما بمعنى جرحه [يجرحه جرحا ، كما قال الشاعر :
لعمرك إن الدار غفر لذي الهوى |
|
كما يغفر المحموم أو صاحب الكلم |
وبجمع الكلم كلاما مثل جرح وجراح ، وجمع فعل على فعال كثير جدا في القلة مثل كلب وكلاب وسهم وسهام](٢).
وقوله : سائره ، يعني أنه يبقى سائر الكلام ، يريد الحكم السائرة من الكلم ، [يقال : قول سائر ومثل سائر. وقوله : سائره ، بدل من الكلم تابع له في إعرابه كقولك : يعجبني القول بليغه](٣).
اختصم إلى عمر بن الخطاب حسان بن ثابت وخصم له ، فسمع منهما ، وقضى على حسان ، فخرج وهو مهموم ، فمر بابن عباس فأخبره بقصته ، فقال له ابن عباس : لو كنت أنا الحكم بينكما لحكمت لك ، فرجع حسان إلى عمر فأخبره فبعث عمر إلى ابن عباس فأتاه فسأله عما قال حسان ، فصدقه ، فسأله عن الحجة في ذلك فأخبره ، فرجع عمر إلى قول ابن عباس ، وحكم لحسان ، فخرج وهو آخذ بيد ابن عباس وهو يقول (٤) :
إذا ما ابن عباس بدا لك وجهه |
|
رأيت له في كلّ منزلة (٥) فضلا |
__________________
(١) ما بين معكوفتين زيادة استدركت عن الجليس الصالح ٤ / ٩٠ ـ ٩١.
(٢) الزيادة بين معكوفتين عن الجليس الصالح ٤ / ٩١.
(٣) زيادة بين معكوفتين عن الجليس الصالح ٤ / ٩١.
(٤) البيتان في الاستيعاب ٢ / ٣٥٤ (هامش الإصابة) وسير الأعلام ٣ / ٣٥٣ والثاني في أنساب الأشراف ٤ / ٥٧ والإصابة ٢ / ٣٣٠ وديوان حسان ص ٢١٢ باختلاف الرواية.
(٥) الاستيعاب : «أحواله» وفي سير الأعلام : «أقواله».