الخاذلين (١) ، واختطفت ما قدرت عليه من أموال الأمة اختطاف الذئب الأزل (٢) دامية المعزى.
وفي الكتاب : ضحّ (٣) رويدا ، فكأن قد بلغت المدى (٤) [ودفنت تحت الثرى](٥) وعرضت عليك أعمالك بالمحلّ الذي به ينادي المغترّ (٦) بالحسرة ، ويتمنى المضيّع التوبة والظالم الرجعة.
قوله : قد حرب : أي غضب ، وقوله : قلبت لابن عمك ظهر المجن : هو مثل يضرب لمن كان لصاحبه على مودة أو رعاية ثم حال عن ذلك ، والمجنّ : الترس. وقوله : اختطاف الذئب الأزل دامية المعزى : خصّ الدامية دون غيرها لأن في طبع الذئب محبة الدم ، فهو يؤثر الدامية على غيرها. ويبلغ به طبعه في ذلك أنه يرى الذئب مثله وقد دمي فيثب عليه ليأكله.
نظر (٧) الحطيئة إلى ابن عباس في مجلس عمر وقد فرع (٨) بكلامه ، فقال : من هذا الذي قد نزل عن القوم في سنّة وعلاهم في قوله؟ قالوا : هذا ابن عباس ، هذا ابن عم رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأنشأ يقول :
إني وجدت بيان المرء نافلة |
|
تهدى له ووجدت العيّ كالصّمم |
المرء يبلى ويبقى الكلم سائره |
|
وقد يلام الفتى يوما ولم يلم |
[قال القاضي : قوله :](٩)
__________________
(١) زيد في نهج البلاغة : وخنته مع الخائنين ، فلا ابن عمك آسيت ، ولا الأمانة أديت ، وكأنك لم تكن الله تريد بجهادك ، وكأنك لم تكن على بينة من ربك ، وكأنك إنما كنت تكيد هذه الأمة على دنياهم وتنوي غرتهم عن فيئهم ، فلما أمكنتك الشدة في خيانة الأمة أسرعت الكرة ، وعاجلت الوثبة.
(٢) الأزل بتشديد اللام ، السريع الجري.
(٣) ضح ، من ضحيت الغنم إذا رعيتها في الضحى ، أي فارع نفسك على مهل فإنما أنت على شرف الموت.
(٤) المدى : الغاية.
(٥) زيادة عن نهج البلاغة.
(٦) في نهج البلاغة : الظالم.
(٧) رواه المعافى بن زكريا في الجليس الصالح ٤ / ٩٠ والاستيعاب ٢ / ٣٥٤ (هامش الإصابة) والخبر والشعر في الإصابة ٢ / ٣٣٤ من طريق المعافى بن زكريا عن ابن عائشة عن أبيه. وليس الشعر في ديوان الحطيئة.
(٨) كذا في مختصر ابن منظور : «فرع» وفرع القوم وتفرعهم : فاقهم. وفي الجليس الصالح : «فرغ» وفي الإصابة : «قرع».
(٩) زيادة منا للإيضاح ، وهو المعافى بن زكريا الجريري ، صاحب كتاب الجليس الصالح الكافي.