معاوية مقبلا (١) قال لسعيد : والله لألقينّ على ابن عباس مسائل يعيا بجوابها ، فقال سعيد : ليس مثل ابن عباس يعيا بمسائلك. فلما جلس قال له معاوية : ما تقول في أبي بكر الصديق؟ قال : رحم الله أبا بكر ، كان والله للقرآن تاليا ، وللشر قاليا ، وعن المثل (٢) نائيا ، وعن الفحشاء ساهيا ، وعن المنكر ناهيا ، وبدينه عارفا ، ومن الله خائفا ، ومن المهلكات جانفا ، يخاف فلتة الدهر ، وإحياء (٣) بالليل قائما ، وبالنهار صائما ، ومن دنياه سالما ، وعلى عدل البرية عازما ، وبالمعروف آمرا ، وإليه صائرا (٤) ، وفي الأحوال شاكرا ، ولله بالغدو والآصال (٥) ذاكرا ، ولنفسه في المصالح قاهرا ، فاق أصحابه ورعا وكفافا ، وزهدا وعفافا ، وسرّا (٦) وحياطة ، فأعقب الله من ثلبه اللعائن إلى يوم التغابن.
قال معاوية : فما تقول في عمر بن الخطاب؟ فقال : رحم الله أبا حفص ، كان والله حليف الإسلام ، ومأوى الأيتام ، ومحل الإيمان ، وملاذ الضعفاء ، ومعقل الحنفاء ، للخلق حصنا ، وللناس (٧) عونا ، قام بحق الله صابرا محتسبا ، حتى أظهر الدين (٨) ، وفتح الديار ، وذكر الله في الإفطار (٩) والمنار (١٠) ، وعلى التلال وفي الضواحي والبقاع. عبد الجبّار في الرخاء والشدة شكورا (١١) له ، وفي كل وقت وآن ذكورا ، فأعقب الله من يبغضه اللعنة إلى يوم الحسرة.
قال معاوية : فما تقول في عثمان؟ قال : رحم الله أبا عمرو ، كان والله أكرم الحفدة ،
__________________
(١) ليست في المعجم الكبير.
(٢) في المصدرين : الميل.
(٣) كذا وليست اللفظة في المعجم ولا في المجمع.
(٤) في المعجم الكبير : صابرا.
(٥) في المجمع : والرواح.
(٦) في المعجم الكبير والمجمع : وبرا.
(٧) في المعجم الكبير : حتى أظهر الله به الدين.
(٨) في مجمع الزوائد : ولليأس عونا.
(٩) في المعجم الكبير والمجمع : والأقطار.
(١٠) في المعجم الكبير والمجمع : والمناهل.
(١١) كذا وردت العبارة في مختصر ابن منظور : عبد الجبار في الرخاء والشدّة شكورا ، والذي في المعجم الكبير والمجمع : وعند الخفا وقورا ، وفي الرخاء والشدة شكورا.