لصدقه ؛ رجل مملق ولّيته بيت المال لتعسّر رزقه منذ سنين ، من أين لابنه هذا المال؟ ثم قال لإيتاخ : قيّد صاحب بيت المال وابنه حتى نأخذ منهما مائتي ألف درهم وولّ بيت المال غيره.
قال محمد بن عمرو الدّومي (١) :
لله درّ المعتصم ما كان أعقله! كان له غلام يقال له عجيب لم ير النّاس مثله [قط](٢) وكان مشغوفا به ، فحارب بين يديه يوما فحسن بلاؤه ، فقال لي المعتصم : يا محمد (٣) جليس الرّجل صديقه وذو نصحه ، ولي عليك حقّ الرئاسة والإحسان ، فاصدقني عمّا أسألك عنه ؛ فقلت : لعن الله من يقم نفسه إلا مقام العبد النّاصح الذي يرى فرضا عليه أن يضيف كلّ حسن إليك ، وينفي كلّ عيب عنك ؛ قال : قد علمت أني دون إخوتي في الأدب (٤) ، لحبّ أمير المؤمنين الرّشيد [لي](٥) وميلي إلى اللّعب وأنا حدث ، فما أبالي ما قالوا (٦) ، وقد قاتل عجيب بين يديّ ، وأنت تعلم وجدي به وقد جاش طبعي بشيء قلته فإن كان مثله يجوز فاصدقني حتى أذيعه ، وإلّا طويته (٧). فقلت : والله لأخبرت ما أمرت ؛ فأنشدني (٨) :
لقد رأيت عجيبا |
|
يحكي الغزال الرّبيبا |
الوجه منه كبدر |
|
والقدّ يحكي القضيبا |
وإن تناول سيفا |
|
رأيت ليثا حريبا |
وإن رمى بسهام |
|
كان المجدّ (٩) المصيبا |
طبيب ما بي من الحب |
|
ب لا عدمت الطّبيبا |
__________________
(١) الخبر والأبيات في تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ٣٩٧ ـ ٣٩٨ من طريق الصولي أخرجه عن محمد بن عمر الدومي.
(٢) زيادة عن تاريخ الخلفاء.
(٣) بأصل مختصر ابن منظور : فقال يا محمد.
(٤) تقدم أن أبيه الرشيد طلب من مؤدبيه ومعلميه أن يدعوه ولا يعلموه ، لأنه كان لا يطيق العلم ، فكان عريا من العلم ، وقد كان يكتب ويقرأ قراءة ضعيفة.
(٥) زيادة للإيضاح عن تاريخ الخلفاء.
(٦) كذا في مختصر ابن منظور ، وفي تاريخ الخلفاء : فلم أنل ما نالوا.
(٧) العبارة في تاريخ الخلفاء : فإن كانت حسنة وإلا فاصدقني حتى أكتمها.
(٨) الأبيات في تاريخ الخلفاء ص ٣٩٨ والثاني والخامس والسادس في الوافي بالوفيات ٥ / ١٤١ وفوات الوفيات ٤ / ٥٠.
(٩) في تاريخ الخلفاء : المجيد.