إني هويت عجيبا |
|
هوى أراه عجيبا |
فحلفت له أنه شعر مليح من أشعار الخلفاء الذين ليسوا بشعراء ، وطابت نفسه ؛ فقلت له : تحتاج إلى لحن فيه ؛ فقال : ما أحب ذلك لئلّا يمرّ ذكر عجيب ؛ قلت : فلا تذكر البيتين اللّذين فيهما ذكر عجيب ؛ قال : أمّا ذا فنعم ، فغنّى به مخارق ووصلني بخمسين ألفا.
وممّا أنشد للمعتصم بالله :
أيا منشئ الموتى أعذني من التي |
|
بها نهلت نفسي سقاما وعلّت |
لقد بخلت حتى لو أنّي سألتها |
|
قذى العين من سافي التّراب لضنّت |
فإن بخلت فالبخل منها سجيّة |
|
وإن بذلت أعطت قليلا وضنّت |
قال علي بن يحيى المنجّم (١) :
لمّا أن استتمّ المعتصم عدّة غلمانه الأتراك بضعة عشر ألفا ، وعلّق له خمسون ألف مخلاة على فرس وبرذون وبغل ، وذلّل العدوّ بكلّ النّواحي ، أتته المنيّة على غفلة ؛ فقيل (٢) :
إنه قال في حماة التي مات فيها : (حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ) [سورة الأنعام ، الآية : ٤٤].
قال الخطيب (٣) : ولكثرة عسكر المعتصم وضيق بغداد عنه ، وتأذّي النّاس به بنى المعتصم سرّ من رأى (٤) ، وانتقل إليها ، فسكنها بعسكره فسمّيت العسكر (٥) ، في سنة إحدى وعشرين ومائتين.
__________________
(١) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٣ / ٣٤٦ من طريق الأزهري حدثنا محمد بن العباس الخزاز قال : حدثنا علان بن أحمد الرزاز ، حدثنا علي بن أحمد بن العباس الجاماسبي حدثنا أبو الحسن الطويل قال : سمعت عيسى ابن أبان بن صدقة عن علي بن يحيى المنجم ، وذكره.
(٢) في أصل مختصر ابن منظور : فقيل له : إنه ، والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٣) رواه الخطيب في تاريخ بغداد ٣ / ٣٤٦ وسير الأعلام ١٠ / ٣٠٥ وفوات الوفيات ٤ / ٤٩ وتاريخ الإسلام (٢٢١ ـ ٢٣٠) ص ٣٩٦.
(٤) ويقال لها سامراء. وهي بلد على دجلة فوق بغداد بثلاثين فرسخا ، قاله أبو سعد ، وهي مدينة كانت بين بغداد وتكريت على شرقي دجلة وقد خربت.
(٥) ذكر ياقوت في معجم البلدان ٣ / ١٧٤ هذا السبب في بنائها ثم قال : وقد حكي في سبب استحداثه سر من رأى أنه قال ابن عبدوس في سنة ٢١٩ أمر المعتصم أبا الوزير أحمد بن خالد الكاتب بأن يأخذ مائة ألف دينار ويشتري بها بناحية سر من رأى موضعا يبني فيه مدينة ، وقال له : إني أتخوف أن يصيح هؤلاء الحربية صيحة فيقتلوا