قدم وفد عبد القيس على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «أيّكم يعرف قسّ بن ساعدة الإيادي؟» قالوا : كلّنا يعرفه يا رسول الله ؛ قال : «لست أنساه بعكاظ (١) على جمل له أحمر (٢) ، يخطب الناس ، ويقول : ألا أيها الناس ، اجتمعوا ، فإذا اجتمعتم فاسمعوا ، فإذا سمعتم فعوا ، فإذا وعيتم فقولوا (٣) ، فإذا قلتم فاصدقوا ؛ من عاش مات ، ومن مات فات ، وكلّ ما هو آت آت (٤) ، إن في السماء لخبرا وإن في الأرض لعبرا ، مهاد موضوع ، وسقف مرفوع ، ونجوم تمور ، وبحار لا تغور ، أقسم قسّ قسما بالله لا كاذبا (٥) فيه ، ولا آثما ، لئن كان هذا الأمر رضى ليكوننّ سخطا ، إن لله دينا هو أحبّ إليه من دينكم هذا الذي أنتم عليه» ثم قال : «أيّكم ينشد شعره» فأنشدوه (٦) :
في الذّاهبين الأوّلي |
|
ن من القرون لنا بصائر |
لمّا رأيت مواردا |
|
للموت ليس لها مصادر |
ورأيت قومي نحوها |
|
تمضي (٧) الأصاغر والأكابر |
لا يرجع الماضي ولا يب |
|
قى من (٨) الباقين غابر |
أيقنت أني لا محا |
|
لة حيث صار القوم صائر |
فقام إليه رجل (٩) طويل القامة ، عظيم الهامة جهوريّ الصّوت ، كأني أنظر إلى حاجبيه وقد سقطا على عينيه فقال : وأنا قد رأيت منه عجبا ؛ قال : «وما الذي رأيت» قال : خرجت
__________________
(١) سوق عكاظ : هو في واد بين الطائف ومكة (انظر معجم البلدان).
(٢) في الخبر المتقدم في السيرة النبوية : جمل أورق.
(٣) في السيرة النبوية المتقدمة ، ودلائل النبوة للبيهقي : فإذا وعيتم فانتفعوا.
(٤) زيد في الخبر المتقدم : نبات ومطر ، وأرزاق وأقوات ، وآباء وأمهات ، وأحياء وأموات ، جميع وأشتات ، وآيات بعد آيات.
(٥) في الخبر المتقدم ودلائل البيهقي : حانثا.
(٦) الأبيات في المصادر المتقدمة.
(٧) في دلائل البيهقي والبداية والنهاية : «يمضي» وفي المعجم الكبير : تسعى.
(٨) في الخبر المتقدم ودلائل البيهقي والمعجم الكبير : «إلي ولا من» بدلا من «ولا يبقى من» وفي البداية والنهاية :
لا من مضى يأتي إليك |
|
ولا من الباقين غابر |
(٩) زيد في الخبر المتقدم ـ السيرة النبوية : من الأنصار.