فائدة ، أصلحك الله ، قال : نعم ، وجدت هذين البيتين في بعض خزائن بني أمية فاستحسنتهما ، وقد أضفت إليهما ثالثا ، وأنشدني :
إذا سدّ باب عنك من دون حاجة |
|
فدعه لأخرى ينفتح لك بابها |
فإن قراب (١) البطن يكفيك ملؤه |
|
ويكفيك سوآت الأمور اجتنابها |
فلا تك مبذالا لعرضك واجتنب |
|
ركوب المعاصي يجتنبك عقابها |
قال الفضل بن الربيع (٢) :
خرج الرشيد من عند زبيدة ـ وقد تغدى عندها ونام ـ وهو يضحك ، فقلت : قد سرني سرور أمير المؤمنين ، فقال : ما أضحك إلا تعجبا : أكلت عند هذه المرأة ، ونمت (٣) ، وسمعت رنة فقلت : ما هذا؟ قالوا : ثلاث مائة ألف دينار ، وردت من مصر ، فقالت : هبها لي يا ابن عم ، فدفعتها إليها ، فما برحت حتى عربدت وقالت : أي خير رأيت منك!.
قال الأصمعي (٤) :
سمعت بيتين لم أحفل بهما ، قلت : هما على كل حال خير من موضعهما من الكتاب ، فإني عند الرشيد يوما وعنده عيسى بن جعفر ، فأقبل على مسرور الكبير (٥) ، فقال : يا مسرور ، كم في بيت مال السرور؟ قال : ليس فيه شيء ، فقال عيسى : هذا بيت الحزن ، قال : فاغتم الرشيد ، وأقبل على عيسى فقال : والله لتعطين الأصمعي سلفا على بيت مال السرور ألف دينار ، فاغتم عيسى وانكسر ، فقلت في نفسي : جاء موضع البيتين فأنشدت الرشيد :
إذا شئت أن تلقى أخاك معبّسا |
|
وجداه في الماضين كعب وحاتم |
فكشّفه عما في يديه فإنما |
|
تكشّف أخبار الرجال الدراهم |
قال : فتجلى عن الرشيد وقال : يا مسرور ، أعطه سلفا على بيت مال السرور ألف دينار ، قال : فأخذت بالبيتين ألفي دينار ، وما كان البيتان يسوّيان عندي درهمين.
__________________
(١) قراب الشيء : بالكسر وبالضم. ما قارب قدره (تاج العروس).
(٢) الخبر في البداية والنهاية ١٠ / ٢٣٧ ـ ٢٣٨.
(٣) في البداية والنهاية : فأقلت عندها وبت.
(٤) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٤ / ٨ ـ ٩ من طريق الأزهري حدثنا أحمد بن إبراهيم حدثنا ابن دريد أخبرنا عبد الرحمن ابن أخي الأصمعي عن عمه ، فذكره.
(٥) مسرور حاجب الرشيد.