قال الأوزاعي :
كان معاوية بن أبي سفيان أول من اعتذر إلى الناس في الجلوس في الخطبة الأولى في الجمعة ، ولم يصنع ذلك إلا لكبر سنّه وضعفه ، وكان عبد الملك بن مروان أول من رفع يديه في الجمعة ، وقنت (١) فيها ، وكان المصعب بن الزبير أول من أحدث التكبير الثلاث بعد المغرب والصبح ، وكان هشام بن إسماعيل أول من جمع الناس في الدراسة.
قال : وقد كان عمر بن عبد العزيز يجلس في الخطبة الأولى.
لما (٢) عقد عبد الملك لابنيه الوليد وسليمان العهد (٣) ، وكتب بالبيعة لهما إلى البلدان وعامله على المدينة هشام بن إسماعيل ، فدعا الناس إلى البيعة لهما ، فبايع الناس ، وامتنع سعيد بن المسيب ، وقال : حتى أنظر ، فضربه هشام ستين سوطا ، وطاف به في تبّان من شعر حتى بلغ به رأس الثنيّة ، فلما كرّوا به قال : أين تكرون بي؟ قالوا : إلى السجن ، قال : لو لا أني ظننت أنه الصّلب ما لبست هذا التبّان ، فردّوه إلى السجن ، وحبسه ، وكتب إلى عبد الملك بذلك (٤) ، فكتب إليه عبد الملك يلومه فيما صنع به ، ويقول : سعيد كان أحوج إلى أن تصل رحمه من أن تضربه ، وإنا لنعلم ما عند سعيد شقاق ولا خلاف.
ولما كتب عبد الملك إلى هشام بذلك قال سعيد : الله بيني وبين من ظلمني.
قال عبد الله بن يزيد الهذلي (٥) :
دخلت على سعيد بن المسيب السجن ، فإذا هو ذبحت له شاة ، فجعل الإهاب على ظهره ، ثم جعلوا له بعد ذلك قصبا (٦) رطبا ، وكان كلما نظر إلى عضديه قال : اللهم ، انصرني من هشام.
__________________
(١) يريد هنا : الدعاء.
(٢) الخبر رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٥ / ١٢٥ ـ ١٢٦ من طريق محمد بن عمر ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر وغيره.
(٣) وكان ذلك بعد وفاة أخيه عبد العزيز بن مروان بمصر في جمادى سنة أربع وثمانين.
(٤) في ابن سعد : وكتب إلى عبد الملك يخبره بخلافه وما كان من أمره.
(٥) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٥ / ١٢٦ من طريق محمد بن عمر قال : حدثني عبد الله بن يزيد الهذلي ، وذكره.
(٦) في ابن سعد : قضبا.