فو الله إنّي لعندهم إذ أتينا فقيل : هؤلاء الأسارى قد أتي بهم فرجعت إلى بيتي ورسول الله صلىاللهعليهوسلم فيه ، وإذا أبو يزيد سهيل (١) بن عمرو في ناحية الحجرة ، يداه مجموعتان إلى عنقه بحبل ، فو الله ما ملكت حين رأيت أبا يزيد كذلك أن قلت : أي أبا يزيد أعطيتم بأيديكم ألا متّم كراما؟ فو الله فما انتبهت إلا بقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم من البيت : «يا سودة أعلى الله وعلى رسوله» فقلت : يا رسول الله والذي بعثك بالحق ما ملكت حين رأيت أبا يزيد مجموعة يداه إلى عنقه بالحبال أن قلت ما قلت [١٤٢١٧].
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل ، أنا أبو بكر البيهقي (٢) ، أنا محمد بن عبد الله ، ثنا علي بن عيسى ، نا إبراهيم بن أبي طالب ، عن ابن أبي عمر ، ثنا سفيان ، عن عمرو (٣) ، عن الحسن بن محمد : قال عمر للنبي صلىاللهعليهوسلم : يا رسول الله دعني أنزع ثنية سهيل بن عمرو فلا يقوم خطيبا في قومه أبدا ، فقال : «دعها فلعلها أن تسرّك يوما» قال سفيان : فلما مات النبي صلىاللهعليهوسلم نفر منه أهل مكة ، فقام سهيل بن عمرو عند الكعبة وقال : من كان محمد إلهه فإن محمدا (٤) قد مات ، والله حيّ لا يموت [١٤٢١٨].
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النقور ، أنا أبو طاهر المخلص ، أنا رضوان بن أحمد ، أنا أحمد بن عبد الجبّار ، نا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق قال (٥) : فلما قاولهم مكرز بن حفص وانتهى إلى رضاهم ، قالوا له : هات الذي لنا ، فقال : اجعلوا رجلي مكان رجله ، وخلّوا سبيله حتى نبعث إليكم بفدائه ، فخلّوا سبيل سهيل ، وحبسوا مكرز مكانه ، فقال مكرز في ذلك :
فديت بأذواد ثمان (٦) سبا فتى |
|
ينال الصميم غرمها لا المواليا |
رهنت يدي والمال أيسير من يدي |
|
عليّ ولكني خشيت المخازيا |
وقلت : سهيل خيرنا فاذهبوا به |
|
لأبنائنا حتى ندير الأمانيا |
__________________
(١) تحرفت بالأصل إلى : سهل.
(٢) الخبر رواه البيهقي في دلائل النبوة ٦ / ٣٦٧.
(٣) كذا ، وفي دلائل النبوة : عمر.
(٤) بالأصل : محمد.
(٥) الخبر والشعر في سيرة ابن هشام ٢ / ٣٠٤ ـ ٣٠٥.
(٦) ثمان ، قال أبو ذر في شرح السيرة : من رواه بكسر الثاء ، فهو جمع ثمين بمعنى غال ، ومن رواه بفتحها فهو العدد المعروف.