هذا التعبير وما يماثله استوى الماء مع الخشبة فلما حذفت «مع» وكانت منتصبة على الظرفية أقيمت الواو مقامها وانتصب ما بعدها انتصاب «مع» التى وقعت الواو موقعها ، إذ لا يصح انتصاب الحروف ، كما انتصب ما بعد إلا الواقعة موقع غير فى الاستثناء فى مثل قام القوم إلا زيدا ، وكأنما كان الأصل قام القوم غير زيد (١). وكان سيبويه يذهب إلى أن العامل فى الخبر هو المبتدأ وذهب الأخفش إلى أن العامل فيه هو العامل فى المبتدأ وهو الابتداء (٢).
وكان سيبويه يرى ـ وتبعه الجمهور ـ أن جمع المؤنث السالم فى حالة النصب معرب بالكسرة نيابة عن الفتحة وأن الممنوع من الصرف فى حالة الجر معرب بالفتحة نيابة عن الكسرة ، وذهب الأخفش إلى أنهما جميعا فى الحالتين مبنيان (٣). ولا توجد علة واضحة لهذا البناء!. وذهب سيبويه إلى أنه إذا ولى «لولا» ضمير متصل مثل لولاى ولولاك ولولاه كانت جارة ، وذهب الأخفش ـ وتبعه الفراء ـ إلى أن الضمير فى هذه الأمثلة مبتدأ مرفوع ، وكل ما فى الأمر أن العرب أنابت فيها الضمير المخفوض عن الضمير المرفوع أى أنهم أنابوا مثل لولاك عن لو لا أنت. واستدل بأنهم أنابوا علامة الرفع عن علامة الجر فى مثل «ما أنا كأنت». وذهب الأخفش فى قول ثان إلى أن الضمائر فى لولاى ولولاك ولولاه حروف حضور وخطاب وغيبة (٤). وكان سيبويه لا يجيز دخول الواو على خبر كان وأخواتها إذا كان جملة ، وكان الأخفش يجيز ذلك مثل كان محمد ولا حمق عنده وليس شىء إلا وفيه نقص ، وكان ينشد منه قول الشاعر :
ليس شىء إلا وفيه إذا ما |
|
قابلته عين البصير اعتبار |
وقول الآخر :
ما كان من بشر إلا وميتته |
|
محتومة لكن الآجال تختلف |
__________________
(١) سر صناعة الإعراب لابن جنى (طبعة الحلبى بالقاهرة) ١ / ١٤٤ والإنصاف ص ١١٠ والرضى على الكافية ١ / ١٩٥ والهمع ١ / ٢٢٠.
(٢) الهمع ١ / ٩٤.
(٣) الهمع ١ / ١٩.
(٤) الخصائص ٢ / ١٨٩ وابن يعيش ٣ / ١٢٢ والمغنى ص ٣٠٣.