فى بناء الكلمة حين تتحول إلى صيغة التصغير ، فتصغير مثل هار ، وهو البئر ، ويضع اسم رجل هو هوير ويضيع ، وكان المازنى يرى أن يردّ المحذوف ، فيقال هو يئر ويويضع ، لأن أصل هار هائر وخففت ، وأصل يضع يوضع من وضع وحذفت الواو (١). وكان يشترط فى المصغّر كله أن يكون على مثال الأسماء ، ومن أجل ذلك كان يمنع من تصغير انفعال وافتعال ، فلم يجز ـ كما أجاز سيبويه ـ فى انطلاق نطيليق ولا فى افتقار فتيقير لأنه ليس لهما مثال فى الأسماء ، بل كان يحذف بعض حروفهما حتى يصير إلى مثال الأسماء ، فيقول فى تصغيرهما طليق وفقير. وكذلك كان لا يجيز فى المثالين جمعهما جمع تكسير على نطاليق وفتاقير ، كما ذهب إلى ذلك سيبويه ، بل كان يجمعهما على طلائق وفقائر بحذف الألف والنون والتاء (٢). وكان سيبويه يرى قياس اسم التفضيل من صيغة الفعل الماضى المصوغ على أفعل مثل أكرم ، فيقال هو أكرم من زيد ، وذهب المازنى إلى منع القياس فى ذلك حتى لا تلتبس صيغة اسم التفضيل المشتقة من الفعل الثلاثى بصيغته من الفعل الرباعى ، فأكرم عنده تفضيلا مشتقة من كرم ، أما التفضيل من أكرم فتطبّق عليه طريقة الفعل المزيد ، إذ يؤتى بمصدره ويسبقه تفضيل من مثل كثر ، فيقال أكثر إكراما (٣). وكان يذهب إلى أن القياس فى الإلحاق إنما يطّرد فى لام الكلمة مثل قعدد ومهدد ، أما الإلحاق فى وسط الكلمة مثل إلحاق الواو فى جوهر وجدول والياء فى بيطر فشاذ لا يقاس عليه (٤).
ولعل فيما قدمت ما يوضح إمامة المازنى وخاصة فى علم التصريف ، وبدون ريب هو الذى نظّم قواعده ومسائله ، وهو الذى فصله عن النحو الذى كان مخلوطا به فى كتاب سيبويه ، وأقامه علما مستقلا بأبنيته وأقيسته وتمارينه الكثيرة التى ذلل بها شوارده ، ويسّرها للباحثين من بعده أمثال أبى على الفارسى وابن جنى ، وكأنما سخّرت له اللغة ليستتمّ صنيع الخليل وسيبويه فى صياغة قواعد التصريف
__________________
(١) الخصائص ٣ / ٧١.
(٢) الهمع ٢ / ١٨١ ، ١٨٧.
(٣) المفصل للزمخشرى (الطبعة الأولى بالقاهرة) ص ٢٣٥.
(٤) الخصائص ١ / ٢٢٥ ، ٣٥٧ والمنصف ١ / ٤١.