حينئذ بمعنى الآن (١). وله آراء كثيرة انفرد بها ودارت فى كتب النحاة ، من ذلك أنه كان يرى ـ كما مر بنا فى غير هذا الموضع ـ أن عامل الرفع فى الفاعل هو الإسناد أى إسناد الفعل له ، وذهب إلى أن العامل فى المفعول به هو الفاعل ، فمثل قرأت الكتاب العامل فى الكتاب النصب هو التاء. وزعم فى مثل «ظننت زيدا قائما» أن التاء نصبت زيدا ، أما «قائما» فنصبها الظن (٢). وكان يذهب إلى أن المعتل حين يجمع جمع مؤنث سالما مثل عدة وعدات وثبة وثبات ينصب بالفتحة مستدلا على ذلك بحكايته عن العرب «سمعت لغاتهم» بالنصب (٣) وجاء عن العرب «كلمته فاه إلى فىّ» ومرّ بنا أن سيبويه كان يعرب كلمة «فاه إلى فىّ» حالا على تقدير : مشافهة ، وأعربها الإخفش منصوبة بتقدير «من» أى على نزع الخافض ، وأعربها الكوفيون مفعولا به على تقدير «جاعلا فاه إلى فىّ». وذهب الجمهور إلى أنه لا يقاس على هذا التركيب فلا يقال : «كلمته وجهه إلى وجهى ولا عينه إلى عينى» وذهب هشام إلى القياس عليه ، فأجاز مثل «ماشيته قدمه إلى قدمى ، وجاوزته بيته إلى بيتى ، وناضلته قوسه عن قوسى» ونحو ذلك (٤). وكان يذهب مذهب قطرب فى أن واو العطف تفيد الترتيب فى مثل قام زيد وعمرو (٥). ومعروف أن الجمهور كان يعرب : «لا أبالك» على أن أبا اسم مضاف إلى الضمير المجرور باللام واللام زائدة لا اعتداد بها والخبر محذوف. وذهب هشام فى إعرابها إلى أن الجار والمجرور صفة لأب والخبر محذوف (٦). وكان يجيز أن يقال «زيد وحده» لسماع ذلك عن العرب ، وكان يعرب «وحده» على أنه منصوب انتصاب الظرف مثل عنده ، وزعم فى مثل «جاء زيد وحده» أن وحده ليست حالا كما ذهب سيبويه مؤولا لها بكلمة «منفردا» إنما هى منصوبة على الظرفية (٧). وذهب إلى أن الفاء العاطفة قد تستعمل بمعنى إلى مستدلّا بقول امرئ القيس :
__________________
(١) الرضى على الكافية ١ / ٣٨٣.
(٢) الإنصاف : المسألة رقم ١١ والهمع ١ / ١٦٥.
(٣) الهمع ١ / ٢٢.
(٤) الهمع ١ / ٢٣٧ والرضى على الكافية ١ / ١٨٦.
(٥) المغنى ص ٣٩٢ والهمع ٢ / ١٢٩.
(٦) الهمع ١ / ١٤٥.
(٧) الهمع ١ / ٢٤٠.