فاعل للفعل الثانى ، أما الفعل الأول ففاعله مضمر مستتر فيه (١). ومر بنا فى ترجمة الفراء أنه كان يذهب إلى أن المنادى مبنى على الضم ، فليس محله النصب كما ذهب إلى ذلك سيبويه وجمهور البصريين ، وليس مرفوعا معربا كما ذهب إلى ذلك أستاذه الكسائى (٢). ومر بنا أيضا أنه خالفه فى أنه لا يصح العطف على اسم إن بالرفع إلا إذا كان اسمها غير واضح الإعراب كأن يكون مبنيّا على نحو ما فى الآية الكريمة : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) ويوضح ذلك قائلا ، رادّا على أستاذه : «عطف (وَالصَّابِئُونَ) على الذين ، والذين حرف على جهة واحدة فى رفعه وخفضه (أى أنه مبنى لا يتغير آخره) فلما كان إعرابه واحدا وكان نصب إنّ نصبا ضعيفا ، وضعفه أنه يقع على الاسم ولا يقع على خبره (لأن الخبر عنده مرفوع بما كان مرفوعا به قبل دخول إن ، وهو المبتدأ الذى أصبح اسمها) جاز رفع الصابئين ، ولا أستحب أن أقول إن عبد الله وزيد قائمان لتبين الإعراب فى عبد الله ، وقد كان الكسائى يجيزه لضعف إن ، وقد أنشدونا هذا البيت رفعا ونصبا :
فمن يك أمسى بالمدينة رحله |
|
فإنى وقيّار بها لغريب |
وليس هذا بحجة للكسائى فى إجازته : إن عمرا وزيد قائمان ، لأن قيارا قد عطف على اسم مكنى عنه (يريد الضمير) والمكنى لا إعراب له فسهل ذلك كما سهل فى الذين إذ عطفت عليه (الصَّابِئُونَ) ... وأنشدنى بعضهم :
وإلا فاعلموا أنا وأنتم |
|
بغاة ما حيينا فى شقاق |
وقال الآخر :
يا ليتنى وأنت يا لميس |
|
ببلد ليس به أنيس (٣)» |
وكان يخالف أستاذه أيضا فى إعراب الضمير المتصل بأسماء الأفعال فى مثل «مكانك» بمعنى قف و «عندك ولديك ودونك» بمعنى خذ و «وراءك»
__________________
(١) الرضى ١ / ٧٠ وما بعدها والمغنى ص ٥٤٢ والهمع ٢ / ١٠٩.
(٢) الرضى ١ / ١٢٩ والإنصاف : المسألة رقم ٤٥.
(٣) معانى القرآن ١ / ٣١٠ وانظر المغنى ص ٥٢٧ والهمع ٢ / ١٤٤.