هى عاملة الرفع والنصب فيما يتلوها (١). وجعله ذلك يضع قاعدة عامة كانت مصدر خلاف بينه وبين أستاذه فى بعض المسائل ، وهى أن ما ينوب عن شىء يعمل عمله ، فما فى أما المكونة من أن المصدرية وما الزائدة عملت لنيابتها مناب كان الرفع والنصب فيما تلاها. وينبغى طرد ذلك فى الصور المماثلة ، فمن ذلك أن أستاذه ـ كما مرّ بنا ـ كان يذهب إلى أن العامل فى المعطوف فى مثل جاء محمد وعلى عامل مقدر من جنس العامل فى المعطوف عليه ، وذهب ابن جنى إلى أن حرف العطف نفسه هو العامل لنيابته مناب العامل المحذوف (٢). ومن ذلك أدوات النداء فقد كان أبو على الفارسى يذهب إلى أنها أسماء أفعال عملت فى المنادى ، وذهب ابن جنى إلى أنها حروف تعمل فيه لنيابتها مناب الأفعال (٣)
ولابن جنى آراء اجتهادية مختلفة انفرد بها عن أستاذه والمدرستين البصرية والكوفية ، فمن ذلك أنه كان يجيز تقديم المفعول معه على المعمول قبله ، فيقال جاء وثياب الصوف البرد (٤). وكان يذهب إلى أن العامل فى الخبر هو الابتداء والمبتدأ معا ، وبذلك سوّغ تقدمه على المبتدأ فى مثل شاعر محمد ، لأنه إنما تقدم على أحد عاملى الرفع فيه وهو المبتدأ (٥). وذهب إلى أن إلا تأتى زائدة مستدلا بقول ذى الرمة فى وصف النوق :
حراجيج ما تنفكّ إلا مناخة |
|
على الخسف أو نرمى بها بلدا قفرا (٦) |
وكان الجمهور يذهب إلى أن لا العاملة عمل ليس لا تعمل إلا فى النكرات ، وذهب إلى أنها تعمل أيضا فى المعارف لقول النابغة :
وحلّت سواد القلب لا أنا باغيا |
|
سواها ولا عن حبّها متراخيا (٧) |
ومعروف أن الأسباب المانعة للاسم من الصرف هى العلمية والعدل وزيادة الألف والنون والوصفية ووزن الفعل والتأنيث وموازنة جمعى مفاعل ومفاعيل والعجمة
__________________
(١) الخصائص ٢ / ٣٨١ والمغنى ص ٦١.
(٢) الخصائص ٢ / ٣٨٧.
(٣) الخصائص ٢ / ٢٧٧.
(٤) الخصائص ٢ / ٣٨٣.
(٥) الخصائص ٢ / ٣٨٥.
(٦) المغنى ص ٧٦ والحراجيج : النوق الضخمة ، والخسف : الذل.
(٧) المغنى ص ٢٦٤ وما بعدها.