والتركيب المزجى. وكان الجمهور يذهب إلى أنها تنقسم إلى معنوية هى العلمية والوصفية ، ولفظية وهى البقية. وذهب ابن جنى إلى أنها جميعا معنوية ما عدا وزن الفعل فى مثل أحمد ويزيد (١). وذهب الجمهور إلى أن اللام تزيد فى جواب لو ولو لا ولوما مثل «لو جئت لأكرمتك» و «لولاك لأسرعت» ، وذهب ابن جنى إلى أنها ليست واقعة فى جواب هذه الأدوات ، بل هى لام جواب قسم مقدر (٢). ومرّ بنا رأى أستاذه أن ما قد تكون ظرفية زمانية ، وأشرك ابن جنى معها فى ذلك أنّ بفتح الهمزة ، مستشهدا بقول بعض الشعراء :
وتالله ما إن شهلة أمّ واحد |
|
بأوجد منّى أن يهان صغيرها (٣) |
وكان سيبويه يذهب إلى أن كلمة خرب فى قولهم : «هذا جحر ضبّ خرب» مجرورة على الجوار لضب لأنه كان ينبغى أن ترفع ، إذ هى صفة لجحر. وقال ابن جنى : بل هى مجرورة على الأصل ، إذ أصل التعبير «هذا جحر ضب خرب جحره» فحذف المضاف وأنيب المضاف إليه فى «جحره» وهو الضمير ، فارتفع واستتر فى خرب ، فهو صفة لجحر على تقدير حذف المضاف ، وهو تأويل بعيد (٤).
ومن طريف ما هدته إليه بصيرته النافذة أن الأصل فى ظهور اللغات إنما هو اشتقاق كلماتها من الأصوات المسموعة ، يقول فى فواتح كتابه الخصائص : «ذهب بعضهم إلى أن أصل اللغات كلها إنما هو من الأصوات المسموعات كدوىّ الريح وحنين الرعد وخرير الماء وشحيج الحمار ونعيق الغراب وصهيل الفرس ونزيب (صوت) الظبى ونحو ذلك ، ثم ولدت اللغات عن ذلك فيما بعد. وهذا عندى وجه صالح ومذهب متقبّل» (٥). وقد مضى فى الخصائص يثبت ذلك من حين لآخر كقوله عن الأفعال إنه كثر اشتقاقها من الأصوات الجارية مجرى الحروف مثل «هاهيت» من قولهم فى زجر الإبل هاها ، و «عاعيت» فى زجر الغنم من قولهم : عاعا ، و «حأحأت» فى زجر الكبش من قولهم حاحا ، و «شأشأت» فى
__________________
(١) الخصائص ١ / ١٠٩.
(٢) المغنى ص ٢٥٩.
(٣) المغنى ص ٣٣٨ والشملة : العجوز.
وأوجد : أكثر وجدا.
(٤) الخصائص ١ / ١٩٢.
(٥) الخصائص ١ / ٤٦ وما بعدها.