زجر الحمار من قولهم شاشا. ويقول : هذا كثير فى الزجر ، وقد صنفت فيه كتابا (١). ويذكر فى موضع آخر أن العرب قد تسمى الأشياء بأصواتها كالخاز باز (الذباب) لصوته ، والبطّ لصوته ، والواق للصّرد (طائر فوق العصفور) لصوته ، وغاق للغراب لصوته ، والشّيب لصوت مشافر الإبل (٢).
ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا إنه هو الذى عمل على تثبيت قانونى الاشتقاق الأكبر والتضمين ، ومر بنا أنه كان يريد بالأول التقاليب الستة للأصل الثلاثى لأى كلمة وبيان أنه يجمعها هى ومشتقاتها معنى واحد ، وحقّا سبقه الخليل ـ كما مر بنا فى ترجمته ـ إلى بناء معجم العين على تقليب الأصل الثلاثى للكلمة فى صوره الستة ، ولكنه لم يفكر فى أنها هى واشتقاقاتها يمكن أن يجمعها معنى واحد. وقد اعترف فى فاتحة حديثه عنه بأن الفارسى كان يستعين به ، ولكنه لم يحاول تسميته ولا تأصيله وتطبيقه ، إنما هو الذى نهض بذلك ، فهو الذى سماه ، وهو الذى جسّمه فى أمثلة مختلفة ، منها «ك ن م» وتقليباتها ومشتقاتها وقد رجعها إلى معنى القوة والشدة ، ورجع «ق ول» وتقليباتها ومشتقاتها إلى معنى الإسراع والخفة ، كما رجع تقليب «ج ب ر» إلى معنى الشدة والقوة ، ومثلها مشتقاتها ، ورجع تقليب «ق س و» ومشتقاتها إلى معنى القوة والاجتماع ، كما رجع تقليب «س ل م» ومشتقاتها إلى معنى الإصحاب والملاينة (٣) وتوقف فى كتابه المحتسب ليطبق ذلك على «حجر» وتقليبها ومشتقاتها مبينا أنها تعود جميعا إلى الشدة والضيق والاجتماع (٤) وأوضح أيضا أن «ج د ل» وتقليباتها ومشتقاتها تعود إلى القوة (٥).
وعلى نحو ما عنى بالاشتقاق الأكبر وتطبيقاته على بعض الأبنية ، عنى بالتضمين ، وهو أن تشرب لفظا معنى لفظ وإذا كان فعلا أو مضدرا أعطى حكمه ، فعدّى بما يعدّى إليه. وحقّا لا حظ ذلك سيبويه والكسائى فى بعض الأمثلة بشهادته ، كما لاحظه أبو على الفارسى (٦) ، ولكنه هو الذى كشفه وأوضحه فى أمثلة كثيرة من مثل (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ) يقول : الرفث يتعدى
__________________
(١) الخصائص ٢ / ٤٠.
(٢) الخصائص ٢ / ١٦٥ وانظر ٣ / ٢٣١.
(٣) انظر الخصائص ٢ / ١٣٣ وما بعدها.
(٤) المحتسب ١ / ٢٣١.
(٥) المحتسب ١ / ٣٢١.
(٦) انظر الخصائص ٢ / ٣١١ ، ٣٨٩.