بألف مقصورة (١). وذهب إلى أن «إذ» فى مثل : «فبينما العسر إذ دارت مياسير» زائدة ، وكان سيبويه يذهب إلى أنها بعد بينا وبينما نفس إذ الفجائية ، وقد اختلف النحاة فيها هل هى حرف أو ظرف (٢). ويظهر أنه كانت تنقصه الدقة ، فقد تعقبه ابن هشام فى عدة مواضع من كتابه المغنى مغلطا له (٣) ، ومثبتا عليه عدم التحرى فى نقل آراء الفارسى وسيبويه والأخفش والكسائى (٤).
وأبو البركات (٥) بن الأنبارى بغدادى ، ولد سنة ٥١٣ وتوفى سنة ٥٧٧ للهجرة ، وهو تلميذ ابن الشجرى ، وبذلك يتصل نسبه النحوى بأبى على الفارسى ، ويظهر أنه كان يعكف على مصنفاته ، ويدرسها لتلاميذه فى المدرسة النظامية ، إذ نجد بين مؤلفاته كتاب حواشى الإيضاح ، وهو من أهم مصنفات الفارسى. وتوفر على دراسة وجوه الخلاف بين البصريين والكوفيين فى مسائل النحو ، وصنّف فى ذلك كتابين هما : الإنصاف الذى نشره قابل لأول مرة وكتابه أسرار العربية المنشور بدمشق ، ولاحظ قابل أنه ينزع فى أولهما نزعة بصرية واضحة ، وهى نزعة استمدها من أبى على الفارسى ومنهجه الذى وصفناه. وقد وقف مع البصريين فى جمهور المسائل التى أحصاها ، ورجح ـ كما لاحظ قاييل ـ مذهب الكوفيين فى سبع مسائل هى العاشرة والثامنة عشرة والسادسة والعشرون والسبعون والسابعة والتسعون والواحدة والسادسة بعد المائة. وبذلك يصبح بغداديّا على شاكلة أبى على ، فهو يجرى فى جمهور آرائه مع البصريين ، ويفتح الأبواب لاختيار بعض آراء الكوفيين. وله فى علم الجدل النحوى مصنف غير منشور ، ومصنف آخر فى أصول النحو سماه لمع الأدلة ، منشور بدمشق ، فصّل القول فيه فى النقل والقياس والعلة ، ونشر معه مصنف له باسم الإغراب فى جدل الإعراب ، وهو يدور على أسئلة فى الإعراب وأجوبة مسندة بالأدلة. وكتابه نزهة الألباء فى تراجم النحاة معروف.
__________________
(١) المغنى ص ٣٠٠ ، ٧٧٩ والهمع ٢ / ٦٤
(٢) المغنى ص ٨٨.
(٣) انظر المغنى ص ٤١ ، ٦٢ ، ٣٣٨.
(٤) المغنى ص ١٨١ ، ٦٨٢.
(٥) انظر فى ترجمة أبى البركات بن الأنبارى إنباه الرواة ٢ / ١٦٩ وابن خلكان ١ / ٢٧٩ وطبقات الشافعية للسبكى ٤ / ٢٤٨ وشذرات الذهب ٤ / ٢٥٨ وبغية الوعاة ص ٣٠١.