برأى الزجاج فى أن مثل «أكرم بزيد» أمر على حقيقته لكل أحد أن يصف زيدا بالكرم والباء زائدة ، وكان سيبويه يذهب إلى أن الفعل فى مثل هذه الصيغة ماض أخرج بلفظ الأمر والباء زائده مثلها فى كفى بالله (١). وعلى شاكلة أضرابه من البغداديين كان يختار رأى الكوفيين أحيانا فى بعض المسائل ، من ذلك أنه زاد معهم فى الأفعال المتعدية إلى ثلاثة مفاعيل فعل حدّث كقول الحارث بن حلّزة اليشكرى :
إن منعتم ما تسألون فمن ح |
|
دّثتموه له علينا العلاء (٢) |
ومما اختاره من مذهبهم جواز أن يكون البدل والمبدل منه نكرة كما فى قوله تعالى : (أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ) وقوله : (مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ)(٣). واختار ـ على غرارهم ـ أن تكون جملة البسملة متعلقة بفعل محذوف تقديره أقرأ لا باسم كما ذهب البصريون (٤). واختار مثلهم أن تكون أن وما بعدها فى مثل «لو أنك جئت» فاعل لفعل محذوف تقديره ثبت ، لأن لو تتطلب أن يتلوها فعل (٥). ومما وافق فيه أبا على الفارسى أن ما فى مثل «نعمّا محمد» نكرة تامة منصوبة على التمييز (٦) ، وأن الجملة تنقسم إلى اسمية وفعلية وشرطية وظرفية. واعترض ابن يعيش على هذا التقسيم لأن الجملة الشرطية تردّ إلى الفعلية لأنها تتألف من فعل الشرط وفعل الجواب ، وكذلك الظرفية لأنها تقدر متعلقة بفعل (٧). ومما وافق الفارسى فيه أن الباء إنما تزاد مع ما الحجازية العاملة ولا تزاد مع ما التميمية المهملة ، فمثل ما محمد بقائم يتحتم أن تكون ما فيها حجازية (٨). ووافق ابن جنى فى مجىء أن ظرفية على غرار ما الزمانية مثل «جئتك أن تصلى العصر» أى زمن صلاة العصر ، وخرج الزمخشرى على هذا المعنى قوله جلّ شأنه : (أَنْ آتاهُ اللهُ الْمُلْكَ) أى وقت أن آتاه (٩). ووافقه أيضا فى أن الجملة تبدل من المفرد ، كما جاء فى قول بعض الشعراء :
__________________
(١) ابن يعيش ٧ / ١٤٧.
(٢) ابن يعيش ٧ / ٦٥.
(٣) ابن يعيش ٣ / ٦٨ والمغنى ص ٥٠٨ والهمع ٢ / ١٢١.
(٤) المغنى ص ٤٢٣ وما بعدها.
(٥) ابن يعيش ١ / ٨١ والمغنى ص ٢٩٩ والهمع ١ / ١٣٨.
(٦) ابن يعيش ٧ / ١٣٤ وانظر المغنى ص ٣٢٨ والهمع ١ / ٢٥٠.
(٧) ابن يعيش ١ / ٨٨.
(٨) المغنى ص ٦١٩.
(٩) المغنى ص ٧٥٦ والهمع ١ / ٨٢.