من الكوفيين ـ يمنع العطف على معمولى عاملين مثل «فى الدار زيد والحجرة عمرو» و «فى الدار زيد وعمرو الحجرة» بعطف الحجرة على الدار بالجر وعمرو على زيد بالرفع. وأجاز ذلك الأخفش والكسائى والفراء والزجاج من البصريين. وفصّل القاعدة الأعلم ، فقال إن ولى المخفوض حرف العطف كالمثال الأول جاز ، لمجيئه فى السماع ، ولأن المتعاطفات تعادلت فيه ، وإلا امتنع كما فى المثال الثانى (١).
ونرى الأعلم يشرح كتاب الجمل للزجاجى البغدادى ، وروايته للدواوين الستة الجاهلية : دواوين امرئ القيس. وزهير ، والنابغة ، وعلقمة ، وطرفة ، وعنترة مسندة إلى الأصمعى مشهورة. وأهم من ذلك أنه روى كتاب سيبويه عن ابن الإفليلى ، وأقرأه لطلابه مبصرا لهم بدقائقه ، مذللا صعابه ، محللا مشاكله تحليلا واسعا. ويتوافر الأندلسيون من حوله ومن بعده على هذا الكتاب حتى يشتهر فى العالم العربى أن بيئة عربية لا تبلغ بيئة الأندلس فى تحرير نصّه وكشف غوامضه ، مما جعل الزمخشرى يرحل فى شبيبته من خوارزم إلى مكة لقراءته على نحوى أندلسى كان مجاورا بها هو عبد (٢) الله بن طلحة المتوفى سنة ٥١٨ للهجرة. وكان يعاصره ثلاثة من أعلام النحاة الأندلسيين عاشوا جميعا فى عصر المرابطين ، وهم أبو محمد ابن السّيد وابن الباذش وابن الطّراوة.
أما ابن (٣) السيد فهو عبد الله بن محمد بن السيد البطليوس النحوى المتوفى سنة ٥٢١ كان يقرئ الطلاب فى قرطبة ثم فى بلنسية النحو ، وعنى بكتاب الجمل للزجاجى ، فكتب كتابا فى إصلاح الخلل الواقع فيه بسبب إيجازه الشديد وآخر فى شرح أبياته. وصنف فى النحو كتابا سماه «المسائل والأجوبة» (٤). وتدور له فى كتب النحاة آراء مختلفة ، منها ما يتابع فيه سيبويه مثل أن ما إذا
__________________
(١) المغنى ص ٥٣٩.
(٢) تفسير البحر المحيط لأبى حيان ٤ / ٣٧٢ وانظر فى ترجمة عبد الله بن طلحة بغية الوعاة ص ٢٨٤.
(٣) راجع فى ترجمة ابن السيد الصلة ١ / ٢٨٧ وأزهار الرياض للمقرى ٣ / ١٠١ وإنباه الرواة ٢ / ١٤١ وقلائد العقيان لابن خاقان ص ٩٣ وطبقات القراء لابن الجزرى ١ / ٤٤٩ والديباج المذهب ص ١٤٠ وشذرات الذهب ٤ / ٦٤ وبغية الوعاة ص ٢٨٨.
(٤) انظر فى كتاب الأشباه والنظائر ٣ / ٧٣ بعض مسائل منه.