اتصلت بقلّ كفّتها عن العمل ولا تدخل حينئذ إلا على جملة فعلية ، أما ظهور الفاعل بعدها فى بعض الأشعار فضرورة (١). ومنها ما يتابع فيه الكوفيين مثل أنّ «كأنّ» لا تفيد التشبيه إلا إذا كان خبرها جامدا مثل كأن محمدا أسد (٢). وكان يتابع الكسائى فى أن زيدا فى مثل «أنا زيد ضربته» يجوز فيها الرفع والنصب على الاشتغال (٣). وتابع ابن جنى فى أن الرجل فى مثل «مررت بهذا الرجل» عطف بيان لا نعت (٤). ومما انفرد به عن سابقيه من النحاة أن «حتى» لا تعطف المفردات فقط بل تعطف أيضا الجمل مثل «سريت حتى تكلّ المطايا» برفع تكلّ (٥). ومن آرائه الدقيقة أن «ما» تقع صفة للتعظيم كقولهم «لأمر ما يسود من يسود» أى لأمر عظيم ومنه (الحاقّة ما الحاقّة) (٦). وكان يكثر من التخريجات فى الإعراب ، من ذلك ذهابه إلى أن ما بعد إلا فى مثل «ما قام إلا زيدا إلا عمرا إلا خالدا أحد» يجوز فيه أربعة أوجه : النصب على الاستثناء كما نص عليه النحويون ، والنصب على الحال ، وجعل الأول حالا وما يليه استثناء ، والعكس (٧). وخطّأ من يعرب «أن» فى قوله تعالى : (ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ) مصدرية وهى وما بعدها عطف بيان من الضمير فى (به) لأن الضمير لا ينعت ولا يعطف عليه عطف بيان ، إنما هى فى الآية تفسيرية للقول على تأويله بالأمر (٨).
وابن (٩) الباذش هو على بن أحمد بن خلف الأنصارى الغرناطى المتوفى سنة ٥٢٨ ه كان ذا معرفة واسعة بعلم العربية ، وصنّف شروحا على كتب مختلفة للبصريين والبغداديين مثل كتاب سيبويه وكتاب المقتضب للمبرد وأصول ابن السراج وجمل الزجاجى وإيضاح الفارسى. ومما ذهب فيه مذهب سيبويه أنه
__________________
(١) المغنى ص ٣٣٩.
(٢) المغنى ص ٢٠٩.
(٣) الهمع ٢ / ١١٣.
(٤) المغنى ص ٦٣١.
(٥) المغنى ص ١٣٦.
(٦) الهمع ١ / ٩٢.
(٧) الهمع ١ / ٢٢٨.
(٨) المغنى ص ٣٠ ، ٦٣٦.
(٩) انظر فى ترجمة ابن الباذش بغية الملتمس ص ٤٠٦ وإنباه الرواة ٢ / ٢٢٧ والديباج المذهب ص ٢٠٥ وطبقات القراء لابن الجزرى ١ / ٥١٨ وبغية الوعاة ص ٣٢٦.