تعمل الرفع فى اسمها والنصب فى خبرها (١) ، وأن المفعول به منصوب بالفعل (٢) ، وأن المضاف إليه مجرور بالمضاف لا بالإضافة ولا بمعنى اللام المحذوفة (٣) ، وقد لا نبالغ إذا قلنا إنه كان يجلّ سيبويه إجلالا بعيدا ، كما كان يجل جمهور البصريين ، وفى كل جانب من كتاباته نراه متحمسا لهم مدافعا عن آرائهم ، من ذلك أنه كان يذهب مذهب يونس بن حبيب فى أن تاء أخت وبنت ليست للتأنيث (٤). وكان يرى رأى سيبويه وجمهور البصريين فى أن المحذوف فى مثل «تأمرونى» نون الرفع لا نون الوقاية (٥). وكان يرفض رأى الكوفيين القائل بأن أسماء الإشارة قد تحل محل أسماء الصلة ، فى مثل : «وهذا تحملين طليق» إذ يعرب الكوفيون هذا اسم موصول بمعنى الذى (٦) ، كما رفض رأيهم متشيعا للبصريين فى أن الوصف يسد معه الفاعل مسد الخبر إذا لم يتقدمه نفى أو استفهام فى مثل «خبير بنو لهب» (٧) وكان يحتم مع جمهور البصريين أن يكون الخبر مع الظرف والجار والمجرور محذوف وتقديره كائن أو مستقر لا كان أو استقر (٨). وكان يختار رأى سيبويه فى أن المرفوع بعد لو لا فى مثل «لولا محمد لهلك العرب» مبتدأ مرفوع بالابتداء ، يقول : «وليس المرفوع بعد لو لا فاعلا بفعل محذوف ولا بلولا ، خلافا لزاعمى ذلك» (٩) واختار رأيه فى أن عسى فى مثل عساك وعساه تجرى مجرى لعل ، ويوضح ذلك قائلا إن فى مثل هذا التعبير ثلاثة مذاهب : أحدها أنها أجريت مجرى لعل فى نصب الاسم ورفع الخبر كما أجريت لعل مجراها فى اقتران خبرها بأن ، قاله سيبويه ، والثانى أنها باقية على عملها عمل كان ولكن استعير ضمير النصب مكان ضمير الرفع ، قاله الأخفش ، ويورد ابن هشام عليه اعتراضين ، كما يعترض على المذهب الثالث فيها ، وهو مذهب المبرد وأبى على الفارسى ،
__________________
(١) التصريح ١ / ١٨٤.
(٢) التصريح ١ / ٣٠٩.
(٣) التصريح ٢ / ٢٤.
(٤) التصريح ١ / ٧٤.
(٥) المغنى ص ٣٨٠ والتصريح ١ / ١١١.
(٦) التصريح ١ / ١٣٩.
(٧) التصريح ١ / ١٥٧.
(٨) التصريح ١ / ١٦٦ وانظر ابن يعيش ١ / ٩٠.
(٩) المغنى ص ٣٠٢ والتصريح ١ / ١٧٨ وانظر ابن يعيش ١ / ٩٥ ، ٣ / ١١٨.