للمفعول كثيرة ، منها ما يجوز فيه الحذف والإضمار لقيام القرينة ، ومنه عنده قول الشاعر :
ألا رجلا جزاه الله خيرا |
|
يدلّ على محصّلة تبيت (١) |
إذ جعل تقديره : ألا تروننى رجلا هذه صفته ، فحذف الفعل مدلولا عليه بالمعنى(٢). وقد يحذف وجوبا على نحو ما هو معروف فى التحذير والاختصاص ويجعل من مواضعه المدح كما فى الاختصاص ، وكذلك الذم ، إذ نراه يعرض للآية الكريمة : (لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ) فقد جاءت كلمة (وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ) بالنصب ، ولو كانت معطوفة على ما قبلها لكان حقها الرفع ، ويقول الخليل إنها منصوبة بفعل محذوف قصدا للثناء والتعظيم كأنه قيل : اذكر أهل ذاك واذكر المقيمين ، ويقول : وهذا شبيه بقولهم (أى فى الاختصاص) إنا بنى فلان نفعل كذا ، لأنهم لا يريدون أن يخبروا من لا يدرى بأنهم من بنى فلان وإنما يذكرون ذلك افتخارا ، ويعلّق على قول أمية بن أبى عائذ :
ويأوى إلى نسوة عطّل |
|
وشعثا مراضيع مثل السّعالى |
فيقول إنه نصب شعثا بإضمار فعل لا يصح إظهاره لأن ما قبله دلّ عليه ، فوجب حذفه على ما يجرى عليه تعبيرهم فى الذم والمدح (٣). ويقف بإزاء الآية الكريمة : (انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ) ويقول إن خيرا مفعول به لفعل محذوف وجوبا لجريان التعبير مجرى المثل ، كأنه قيل : ائتوا خيرا لكم ، ويستطرد لقول القائل : «انته يا فلان أمرا قاصدا» ويقول إن أمرا مفعول به لفعل محذوف على تقدير : وائت أمرا قاصدا (٤). وعلى نحو ما يحذف الفعل مع المفعول يحذف مع المصادر كثيرا مثل مرحبا وأهلا كأنه بدل من رحبت بلادك وأهلت ، وحين مثل بذلك قال إنه بمنزلة رجل رأيته سدّد سهما فقلت القرطاس أى أصبت القرطاس(٥).
__________________
(١) محصلة هنا : تحصل الخير لصاحبها.
(٢) الكتاب ١ / ٣٥٩.
(٣) الكتاب ١ / ٢٤٩ وما بعدها.
(٤) الكتاب ١ / ١٤٣.
(٥) الكتاب ١ / ١٤٨.