يريد أن حذف الفعل مع المصادر أو المفاعيل المطلقة كحذفه مع المفعول به. وكان يذهب إلى أن مثل حنانيك ولبّيك وسعديك مفعولات مطلقة لفعل محذوف ، وقد صيغت على التثنية قصدا للتكثير ، فمعنى حنانيك مثلا تحنّنا بعد تحنن (١). وعلى نحو ما يحذف الفعل تحذف أن المصدرية بعد اللام الداخلة على المضارع المنصوب هى وأخواتها : حتى وأو والواو والفاء. وكان يطرد ذلك فى إذن خلافا لجمهور النحاة بعده وفى مقدمتهم تلميذه سيبويه ، إذ قالوا إنها تنصب المضارع أحيانا بنفسها مثل أن ولن ، وليست بمنزلة اللام وحتى (٢). وتحذف حروف الجر أحيانا وهى تحذف قياسا مع أنّ وأن وصلتهما فى مثل قوله تعالى : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) وقولك. «أرغب أن أراك» فالتقدير شهد الله بأنه ، وأرغب فى أن أراك أو عن أن أراك. وكان الخليل يذهب إلى أنهما وصلتهما منصوبان على تقدير نزع الخافض (٣). وسأله سيبويه عن قوله جلّ ذكره : (وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) فقال : إنما هو على حذف اللام كأنه قال : ولأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون ، وأن وصلتها منصوبان على نزع الخافض (٤).
وعلى نحو ما تحذف العوامل تحذف المعمولات ، فالخبر قد يحذف ، ويكثر حذف المفعول به إذا قامت قرينة كآيات سورة الضحى : (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى). ومما يطّرد فيه الحذف ضمير الشان إذا كان اسما لإن وكأن ولكن وأنّ ، قال سيبويه : «روى الخليل أن ناسا يقولون إنّ بك زيد مأخوذ ، وقال ، هذا على قوله إنه بك زيد مأخوذ ، وشبّهه بما يجوز فى الشعر نحو قول ابن صريم اليشكرى :
ويوما توافينا بوجه مقسّم (٥) |
|
كأن ظبية تعطو إلى وارق السّلم |
وقول الآخر :
ووجه مشرق النّحر |
|
كأن ثدياه حقّان |
__________________
(١) الكتاب ١ / ١٧٤.
(٢) الكتاب ١ / ٤١٢.
(٣) المغنى ص ٥٨٠.
(٤) الكتاب ١ / ٤٦٤.
(٥) مقسم : جميل القسمات. تعطو إلى : تتناول. السلم : شجر.