والمفرد رفع وهو فى موضع اسم منصوب (١)» وقوله فى باب التصغير مصوّرا له فى أمثلته أو صيغه : «هذا باب التصغير ، اعلم أن التصغير إنما هو فى الكلام على ثلاثة أمثلة على فعيل وفعيعل وفعيعيل» (٢) ثم يذكر الأمثلة مثل جبيل وجعيفر ومصيبيح. وكأنه فى كل ذلك آثر المنهج التحليلى الذى يعنى فى تصوير الموضوع ببيان أقسامه وتفريعاته مباشرة. وقد يعمد إلى المنهج العقلى المجرد ، فيحاول أن يحدّ بعض ما يتحدث عنه من أبواب عن طريق التعريف الكلى الجامع ، من ذلك تعريفه للفعل فى السطور الأولى من الكتاب إذ يقول : «وأما الفعل فأمثلة أخذت من لفظ أحداث (مصادر) الأسماء وبنيت لما مضى ولما يكون ولم يقع وما هو كائن لم ينقطع» وهو تعريف دقيق إذ جمع فيه بين دلالة الفعل على الحدث أى المصدر ودلالته على الزمان الماضى والمستقبل والحاضر ، وبذلك شمل التعريف أقسام الفعل الثلاثة : الماضى والأمر والمضارع. وتضمّن التعريف مسألة دقيقة طال الجدل بعده فيها بين خالفيه من البصريين وبين الكوفيين ، وهى مسألة أيهما هو الأصل المصدر أو الفعل؟ أو بعبارة أخرى أيهما اشتقّ من صاحبه؟ وواضح من قول سيبويه : «أما الفعل فأمثلة أخذت من لفظ أحداث الأسماء» أن المصدر ـ فى رأيه ـ هو الأصل وأن الفعل مشتق منه. ورأى الكوفيون أن الفعل هو الأصل واشتق منه المصدر. ومن تعريفاته الجامعة تعريفه للمبتدأ بأنه «كل اسم ابتدئ به ليبنى عليه كلام» ويعرّف الترخيم بأنه «حذف أواخر الأسماء المفردة تخفيفا» ويقول إنه لا يكون إلا فى النداء. وكأنه هو الذى وضع فى النحو فكرة التعريف للأبواب تعريفا جامعا يجمع قضاياها وجزئياتها المختلفة ، وإن كان لم يتسع بذلك كما اتسع النحاة بعده.
وتتداخل نظرية العوامل فى كل أبواب الكتاب وفصوله النحوية ، بل لا نغلو إذا قلنا إنها دائما الأساس الذى يبنى عليه حديثه فى مباحث النحو ، وهى تلقانا منذ السطور الأولى فى الكتاب ، فقد عقّب على حديثه عن مجارى أواخر الكلم الثمانية ، أو بعبارة أخرى عن أنواع الإعراب والبناء للكلمات بقوله : «وإنما
__________________
(١) الكتاب ١ / ٣٠٣.
(٢) الكتاب ٢ / ١٠٥.