ينفق على أبويه المحتاجين ما يصلحان في قدر حالهما ، من طعام وكسوة وغير ذلك.
وهل على الولد تزويج أبيه؟ قال مالك : ليس عليه أن يزوج أباه ، وعليه أن ينفق على امرأة أبيه ، سواء كانت أمّه أو أجنبية. وإنما قال مالك : ليس عليه أن يزوج أباه ، قال القرطبي : لأنه رآه يستغني عن التزويج غالبا ، ولو احتاج حاجة ماسة لوجب عليه أن يزوجه ، لو لا ذلك لم يوجب عليه أن ينفق عليهما. أما ما يتعلق بالعبادات من الأموال ، فليس عليه أن يعطيه ما يحجّ به أو يغزو ، وعليه أن يخرج عنه صدقة الفطر ، لأنها مستحقة بالنفقة والإسلام (١).
وقال الشافعية على المشهور : يلزم الولد ذكرا كان أو أنثى إعفاف الأب والأجداد ، لأنه من وجوه حاجاتهم المهمة كالنفقة والكسوة ، ولئلا يعرضهم للزنا المفضي إلى الهلاك ، وذلك لا يليق بحرمة الأبوة ، وليس من المصاحبة بالمعروف المأمور بها شرعا (٢).
ودلت الآية على معان منها :
١ ـ أن القليل والكثير من النفقة يستحق به الثواب على الله تعالى إذا أراد بها وجه الله ، وينتظم ذلك الصدقات من النوافل والفروض.
٢ ـ أن الأقرب فالأقرب أولى بالنفقة ، لقوله تعالى : (فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) مع بيان النّبي عليهالسلام. لمراد الله بقوله المتقدم : «ابدأ بمن تعول : أمك وأباك وأختك وأخاك وأدناك فأدناك».
٣ ـ فيها الدلالة على وجوب نفقة الوالدين والأقربين على الولد ، كما بينا.
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٣ / ٣٧
(٢) مغني المحتاج : ٣ / ٢١١ وما بعدها.