لأهل المسجد ، والمسجد قبلة لأهل الحرم ، والحرم قبلة لأهل الأرض في مشارقها ومغاربها من أمتي».
وقد انبنى على هذا الخلاف خلاف آخر في حكم الصلاة فوق الكعبة :
أجاز الحنفية القائلون بأن القبلة الجهة ـ من قرار الأرض إلى عنان السماء ـ الصلاة فرضا أو نفلا فوقها ، مع الكراهة ، لما في الاستعلاء عليها من سوء الأدب ، وترك التعظيم الواجب لها ، ونهي النبي عنه.
وأجاز الشافعية الصلاة فرضا أو نفلا على سطح الكعبة إن استقبل من بنائها أو ترابها شاخصا (سترة) ثابتا ، كعتبة ، وباب مردود أو عصا مسمّرة أو مثبتة فيه ، قدر ثلثي ذراع تقريبا فأكثر بذراع الآدمي ، وإن بعد عن الشاخص ثلاثة أذرع.
وأباح الحنابلة أيضا صلاة النافلة على سطح الكعبة ، ولكن لا تصح عندهم صلاة الفريضة ، لقوله تعالى : (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) والمصلي على ظهرها غير مستقبل لجهتها ، والنافلة مبناها على التخفيف والمسامحة ، بدليل صلاتها قاعدا ، أو إلى غير القبلة في السفر على الراحلة.
ومنع المالكية من صحة الصلاة فوق الكعبة ، لأن المستعلي عليها لا يستقبلها ، إنما يستقبل شيئا غيرها.
ودلّ قوله تعالى : (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) على أن المصلي ينظر أمامه ، لا إلى موضع سجوده ، وإلا كان متجها إلى غير شطر المسجد الحرام. وهذا مذهب مالك. وقال الجمهور : يستحب أن ينظر المصلي قائما إلى موضع سجوده. وأضاف الحنفية : وينظر المصلي حال الركوع إلى قدميه ، وحال السجود إلى أرنبة أنفه ، وحال الجلوس إلى حجره. وهذا الرأي هو الأصح ،