الضرورية ، وهذا هو حكم النّبي صلىاللهعليهوسلم بين علي وفاطمة رضياللهعنهما ، إذ جعل فاطمة في البيت تديره وترعاه ، وعليّا كرّم الله وجهه خارج البيت يكافح ويبحث عن الرزق ، ويجاهد في سبيل الله والحق ، وفي سبيل أسرته.
ولا مانع من عمل المرأة خارج المنزل عند الحاجة بشرط التزام ما يقتضيه الدّين والخلق وعدم الخلوة ، والسّتر المطلوب شرعا ، فكل المرأة عورة ما عدا الوجه والكفين ، لكنهما مما يجب غضّ البصر عنهما كباقي جسد المرأة (١) ، كما يشترط أن تكون المرأة في العمل حرّة أبية لا تلين في الكلام ، لقوله تعالى : (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ ، فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ، وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً* وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى ..) [الأحزاب ٣٣ / ٣٢ ـ ٣٣]. وأما عدم التقيد بالقيود الشرعية لعمل المرأة فيؤدي إلى كثير من المفاسد والفتن ، ولتكن المرأة متيقظة دائما ، فإنه لا يراد بمحادثتها غالبا إلا السوء ، وجعلها أداة تسلية ومتعة.
وما أروع ما ختمت به الآية من التذكير بعزة الله وقدرته التي لا تغلب ، وبحكمته بوضع الشيء في موضعه المناسب له ، فهو حكيم الصنع والأمر والبيان ، فمن عزته وحكمته : إنصاف المرأة بجعلها في الحقوق والواجبات كالرجل ، بعد أن كانت كالمتاع لا تتمتع بالحقوق الكريمة ، وإعطاء الرجل حق القوامة (الرياسة) ، فلا يغترن بهذه الدرجة ، فإذا دعته قدرته إلى ظلم المرأة أو غيرها ، فليذكر قدرة الله عليه ، وليكن الرجل حكيم القيادة ، متحملا لمهام المسؤولية الملقاة على عاتقه ، بكل ثقة وأمانة وجرأة وعدالة فلا يتساهل في حكم شرعي ، لأنه راع ، وكل راع مسئول عن رعيته ، ولا يفرط في واجب عند القدرة ، ولا يغمط أحدا في الأسرة حقه ، لأن الله سائله عما يعمل. وفي هذا من الوعيد لمن خالف أحكام الله تعالى.
__________________
(١) إلا في حدود ما تتطلبه المعاملة ، أو تقتضيه الضرورة كالعلاج والتعلّم والشهادة أمام القضاء.