وسيكافأ كل إنسان على ما قدّم من عمل ، ولن يضيع جهده ، والله قادر على أن يأتي بجميع الخلائق يوم القيامة ، وقادر على كل شيء ، ومن مشتملات قدرته وسعتها الإعادة بعد الموت والبلى في أي مكان ، في البرّ أو البحر.
ولا تراجع عن الأمر بالاتجاه نحو الكعبة ، بدليل تأكيد الأمر في هذه الآية بالاتجاه نحوها ثلاث مرات ، بالإضافة إلى الأمر السابق به مرتين في الآية (١٤٤). وما على المؤمنين إلا الإصرار على الاتجاه في صلاتهم نحو الكعبة.
وقوله تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا) استثناء متصل ، كما روي عن ابن عباس ، واختاره الطبري ، وقال : نفى الله أن يكون لأحد حجة على النّبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه في استقبالهم الكعبة ، والمعنى : لا حجة لأحد عليكم إلا الحجة الداحضة ، حيث قالوا : ما ولاهم ، وتحير محمد في دينه ، وما توجّه إلى قبلتنا إلا أنّا كنا أهدى منه ، وغير ذلك من الأقوال التي لم تنبعث إلا من عابد وثن أو يهودي أو منافق.
والتهوين من شأن الكفار ، وشدّ أزر المؤمنين ، والنهي عن خشية الظالمين في التوجه إلى الكعبة ، فيه إيماء إلى أن صاحب الحق هو الذي يخشى جانبه ، وأما المبطل فلا يؤبه له.
وقوله تعالى : (كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً) : دلّ هذا التشبيه على أن النعمة في القبلة كالنعمة في الرسالة ، وهو تشبيه يدلّ على عظم شأن تحويل القبلة إلى الكعبة.
وأما قوله سبحانه : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) ففيه الإشادة بصرح العدل بين الناس ، والمعنى : اذكروني بالطاعة أذكركم بالثواب والمغفرة ، كما قال سعيد بن جبير ، وقال أيضا : الذكر : طاعة الله ، فمن لم يطعه لم يذكره ، وإن أكثر التسبيح والتهليل وقراءة القرآن. وجاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله