ولقد كان من سلوك نبيّنا الأعظم صلى الله عليه واله الإجتماعي مع اُمّته : بيان منزلة ورتبة أصحابه عنده بشكل تفصيلي حيث قال : بأنّ أفضلهم وأكرمهم وأقربهم عندي ، من كان يساهم ويشارك الغير في الرزق والمعاش ، ويكون ناصراً ومعيناً للآخرين في الشدائد والمصائب ، حيث كان صلى الله عليه واله هو الوحيد للاُسوة الحسنة للمؤمنين.
ومن الواضح : إنّ من صفاته الكاملة وأخلاقه الحسنة : هو التواضع لأمّته ، والمواساة لعباد الله وإرادة الخير لهم ، والحرص على كمالهم ، والقيام بمصالحهم ، وإرشادهم إلى ما يجمع لهم خير الدنيا والآخرة.
قوله عليه السلام : «قال فسألته عن مجلسه. زاد العلوي : كيف كان يصنع فيه؟ فقال : كان رسول الله لا يجلس ولا يقوم إلّا على ذكر» فمن صفاته صلى الله عليه واله الحميدة : كان دائم الذكر لأنّ الله سبحانه وتعالى أمره بأن يذكره كثيراً ، ويسبّحه بكرة وعشيّا ، كقوله تعالى : «وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ» (١) وكان صلى الله عليه واله يذكره من دون غفلة تضّرعاً وخيفة. كما أمره سبحانه عزّوجلّ بقوله : «وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ» (٢).
خواطب صلى الله عليه واله بقوله تعالى : «وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ» (٣) ، الخطاب وإن كان لرسول الله صلى الله عليه واله ولكن في الحقيقة يكون لاُمّة محمّد صلى الله عليه واله بعد ما كان رسول الله صلى الله عليه واله اُسوة حسنة لاُمّته ، فإذا كان صلى الله عليه واله دائم الذكر وكثيره فلا يكون حينئذٍ من الغافلين ولامن الناسين للذكر.
__________________
١ ـ آل عمران : ٤١.
٢ ـ الأعراف : ٢٠٥.
٣ ـ الكهف : ٢٤.